رغما عن رئيس الوزراء / منصور ضيف الله

رغما عن رئيس الوزراء
باستسلام كامل تتمدد على الفراش . “هذا الورم ما زال يلاحقني ، يثقل دماغي ، ويقف أمامه الأطباء حائرين” . “ولكني سأعيش ، لن تقف نسبة العشرين بالمائة من ثمن الإبرة حائلا ، قانون الضمان الصحي ليس مقدسا ، سآخذ الإبرة رغما عن وزير الصحة ، رغما عن رئيس الوزراء ، رغما عن جميع البشر ، وسأعيش” .
تنتابها أغفاءة مفاجئة ، تنسدل الأهداب على العيون المتعبة ، آلاف الطالبات بمراييلهن الخضر يكسرن حاجز الغياب ، يقبلن الجبين البارد ، وسيتذكرن يوم وقفت معلمتهن أمام السبورة قبل التوجيهي بأيام قلائل ، تعطي حشاشة روحها ، وزبدة فكرها ، على وعد بنجاح باهر .
ليس في الغرفة سواها ، يرتعش الجسد ، ويذوب في عوالم لا متناهية . “سأعيش ، لن تكون نسبة التأمين حدا فاصلا بين الموت والحياة ، ساخذها في العضل ، نقية بلا ألم ، وستغادر الجرعة فورا نحو الورم ، سيتوارى جبنا وخجلا ، كم هي مخجلة وجبانة أورامنا” .
تغمض عينيها ، ثمة ارتعاشة على الوجه ، وثمة عرق يتفصد ، وثمة ملاك أبيض كالثلج ، صغير وشفاف ، انسل إليها من وراء الشمس ، قطع كل فيافي قوانيننا ، كل أورام أوهامنا ، بصق على كل النسب ، واقترب من الذراع المتعب ، غرس الإبرة نقية كالثلج ، شفافة ، وشافية .
سأعيش قالتها للمرة الألف .
وارتعش الجسد !!!

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

  1. كم هي مخجلة وجبانة أورامنا !!
    عبارة تكسر حاجز الصمت ،وتنغرس كشوكة.في خاصرة صناع القرار ،ممن تسمى هيئتهم بالضمان ..ولا ضمان حقيقي إلا رحمة الله ، والتأمين ولا أمان حقيقي إلا بالله ومن ثم إرادة تستمد العون .
    تتجاوز هذه القصة الحالة الفردية ..لتشكل نموذجا للتخلي عن أبناء الوطن الذين بذلوا أجمل ما لديهم في زهرة شبابهم وقمة عنفوانهم ، حتى إذا فتك بهم المرض وغالتهم غوائل العوز …تركوا فرائس للحيرة والخذلان وتعسف القوانين ،وتخبط أصحابها ، متناسين أن إرادة الله هي الغالبة ، وهو الذي خلق الخلق وهو يدبره….لنكتشف جميعا أن ثمة إرادة ورفض للاستسلام …لليأس والمرض ،وأن من تلك العوالم اللا متناهية …التي نغرق أحيانا في صمتها وحزنها ، منها نستمد العزيمة والأمل والرغبة الحقيقية في الحياة …أبدعت كعادتك ،مزيدا من تجليات الإبداع وتنوعها ، فقد مثلت هذه المقالة نموذجا فريدا للقصة ، بلغة مكثفة وفصاحة عالية المستوى،،نحتاج لمثل هذا الفن ، يعبر عن مكنوناتنا بلغة قريبة ولكن بعيدة المغزى …دام نبض قلمك ..

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى