الطغاة والبغاة والغلاة … اداوت صُنع الإرهاب / د. أحمد ابو غنيمة

الطغاة والبغاة والغلاة

حظيت بفرصة متابعة جزء من الندوة التي أقامها المنتدى العالمي للوسطية قبل عدة أيام، والتي جاءت تحت عنوان ” العالم وتحدي الإرهاب “، شارك فيها نخبة من المفكرين والسياسيين والمثقفين والإعلاميين.
تحدث الجميع عن الإرهاب وصناعته، وعرج بعضهم إلى أن أساس الإرهاب هو الدول الكبرى التي أمعنت في شعوبنا تنكيلاً وتقتيلاً وتشريداً، إما بشكل مباشر كما حدث في إحتلال العراق وأفغانستان، وإما من خلال دعم ومساندة الانظمة الإستبدادية في الدول العربية.

“الطغاة ” الذين تحدث عنهم البعض هم القوى الكبرى التي دعمت بشكل مباشر أو غير مباشر القمع والتنكيل والقتل الذي كان يمارسه ” بُغاة ” الأنظمة العربية الإستبدادية سواء ما قبل الربيع العربي أو ما بعده، عندما دعمت هذه القوى الكبرى الإنقلاب على ثورات الربيع العربي لتنتج ” بُغاة ” فاقوا في دمويتهم ووحشيتهم وقمعهم الأنظمة الإستبدادية التي انقلبت الشعوب عليها.
” الغُلاة ” ، هم فئة ( على قلّتها ) من هذه المجتمعات التي قبلت في وقت ما بالديمقراطية وإفرازاتها، ولكن حين اختارت الشعوب خياراتها التي ارتضتها عن طريق الأنتخابات، تنكرت القوى الكبرى مع بعض الدول العربية لهذه الخيارات وعملت على إعادة انتاج انظمة دكتاتورية بصورة أشد بطشاً وجبروتاً، فنحى هؤلاء ” الغلاة ” منحى دموياً في تصديهم لوحشية الأنظمة التي انقلبت على خياراتهم.
في مقابل ” الغُلاة”، كانت هناك حركات الإسلام السياسي المعتدلة وفي مقدمتها جماعة الإخوان المسلمين، التي واجهت الانقلاب الدموي على خيار الشعب المصري في الانتخابات البرلمانية والرئاسية بصدر عار، وكانت الجماعة ولا زالت حتى هذه اللحظة متمسكة بسلمية مقاومتها للإنقلاب الدموي الذي أمعن في التقتيل والتنكيل بكل معارض لانقلابهم.
ورغم سلمية جماعة الإخوان وهي اكبر جماعة اسلامية حركية في الوقت الحاضر، إلا أن سهام التطرف والإرهاب تلاحقها، إما من بعض الدول العربية التي إما وصفتها بالإرهاب أو تحاول بشتى الوسائل شيطنتها في مجتمعاتها، أو من بعض القوى الدولية التي وجدت في تصدر الاخوان للمشهد السياسي في بعض الدول العربية تهديداً لمصالحها الاستراتيجية وفي مقدمتها امن الكيان الصهيوني.

معركتنا مع الأرهاب، لا تتوقف عند داعش ومثيلاتها من الذين لا يمثلون الإسلام بأي حال من الاحوال، إنما معركة محاربة الإرهاب تكون بالدرجة الاولى ان نؤمن جازمين بأن من صنع الأرهاب في بلادنا والعالم لن تتأتى محاربة الإرهاب من خلاله أو من خلال الانظمة الاستبدادية التي تدين له بالولاء المطلق.
معركتنا مع الإرهاب تكون بمقارعة الحجة بالحجة والمنطق بالمنطق والفكر بالفكر.
معركتنا مع الإرهاب ستنجح، حين تكون أولويات الدول والأنظمة التي تريد محاربته، بأن ترفع الظلم والقهر عن شعوبها، وأن تتوقف عن استخدام ” محاربة الإرهاب ” شماعة لممارسة التضييق على الحريات وسجن المصلحين والدعاة.
معركتنا مع الإرهاب، سيُكتب لها النجاح، أن تُركت الشعوب تختار ممثليها في الحكومات والبرلمانات بحرية دون تدخل سافر من أجهزة الدول الامنية، فتكون انتخاباتنا ” حقيقية ” لا ” مزروة ” ولا ” مسرحية ” يتندر عليها الناس.
الطغاة والبغاة والغلاة … اداوت صُنع الإرهاب … ليس لنا شأن كشعوب عربية وإسلامية فيها … هم صنعوها ويكتوون ونكتوي بنيران إرهابهم الذي صنعوه.

مقالات ذات صلة

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى