خبراء يقرعون الجرس: توقف التعليم ينذر بكارثة تعليمية ونفسية وأعذار الحكومة غير مقنعة

سواليف: غيث التل

منذ اللحظة الأولى الي أعلنت فيها وزارة التربية والتعليم إقرار لجنة التخطيط المركزي في الوزارة تأجيل انطلاق الفصل الدراسي الثاني قبل ان تتراجع الوزارة عن التصريح وتعتبر ما حدث توصيةً وليس قراراً، عبر عدد كبير من الأردنيين ان تكون الحكومة حسمت أمرها بتأجيل الفصل الدراسي الثاني، وأبدى كثيرون تخوفهم الكبير من عودة الحكومة إلى التعليم عن بعد والذي اعتبره جل الأردنيين فشلاً تعليمياً ووصفه اخرون بتجهيل رسمي للأجيال.

تخبط حكومي بامتياز

نادين النمري العضو المؤسس في الحملة الوطنية للعودة الى المدارس “نحو عودة آمنة لمدارسنا” أبدت استغرابها الشديد من السياسيات الحكومية التي تلجأ للتضحية بمصلحة الطلبة والعملية التعليمية بشكل كامل، وتبين انه كان من الممكن تفهم القرار لو كان الأردن بحالة إغلاق كاملة، أما ان تكون جميع القطاعات تعمل بكامل قوتها التشغيلية ويتم اتخاذ قرار بتأجيل بداية الفصل الثاني فهذا الأمر غير مفهوم على الإطلاق.

وتصف النمري في حديثها لموقع سواليف بأن الأسوأ من هذا كله هو التخيير بين التأجيل والتعليم عن بعد مشيرةً إلى ان هذان الخياران مرفوضان ويجب العودة للتعليم الوجاهي في الموعد المحدد له.

بدوره المنسق العام للحملة الوطنية من اجل حقوق الطلبة الدكتور فاخر دعاس يعتبر ان تأجيل الفصل الدراسي الثاني يعبر عن مدى التخبط في قرارات وزارة التربية والتعليم وعجز الحكومة بالموازنة بين الواقع الوبائي والواقع التعليمي.

الوضع الوبائي لا يستدعي التأجيل

تبين النمري ان العالم كله اجمع على ان اعراض متحور أو ميكرون وهو السائد في الأردن حالياً هي الأخف بين جميع أقرانه، وأنه وبعد عامين من الجائحة فقد بات الأردن قادراً على التعامل معها محذرةً بذات الوقت من الوباء الأخطر وهو الجهل الذي قد يصيب أجيال بأكملها بسبب تخبط أصحاب القرار.

ويتفق دعاس مع النمري بأنه لم يعد مخفياً لأحد بأن متحور او ميكرون بات هو السائد وان أعراضه هي الأخف بين جميع المتحورات ومعدل الإدخالات للمستشفيات أقل بكثير اذا ما قورنت بسابقه متحور دلتا وهو ما يعني ان الوزارة لو كانت معنية حقاً باستمرار التعليم الوجاهي فإن عليها قراءة معدلات الإدخال إلى المستشفيات ومعدل إشغال الأسرة في غرف العناية الحثيثة وأن تكون هي المعيار الأساسي التي يعتمد عليها، مبيناً ان أعداد الإدخال الى المستشفيات في الأردن قليلة جداً في هذه الأوقات إذا ما قورنت بالشهر الماضي الذي بلغ في عدد الأسرة المشغلة حوالي 1500 سرير بينا لا يزيد عدد الإدخالات في التقرير الأخير لوزارة الصحة عن 607 حالة داخل المستشفيات وهو مؤشر إيجابي ويوضح بأنه كان يجب على الوزارة التمهل كثيراً وقراءة هذه الأرقام قبل اتخاذ أي قرار بالتأجيل.

ويضيف دعاس ان أرقام الإصابات لم تعد أمراً يعتد به في ظل وجود المطعوم، موضحاً ان تأخير الدوام مدة ثلاثة أسابيع يدل بشكل قاطع بأن الوزارة لم تقرأ الأمور بشكلها الصحيح مع استحالة استمرار الموجة الوبائية في ذروتها لغاية 20-2 لأن هذا الأمر غير منطقي وغير علمي.

كارثة تعليمية

تبين العضو المؤسس في الحملة الوطنية للعودة إلى المدارس نادين النمري وتؤكد النمري ان عام ونصف من التعلم عن وبعد وبعدها نظام التناوب أنتجا كارثة تعليمية، عدا عن ان الوزارة لم تقم لغاية اليوم بإجراء الاختبارات التشخيصية للطلاب وبالتالي فهي غير مدركة حجم الفاقد التعليمي وماهي المواد وحتى المناطق التي يجب التركيز عليها لتعويض حجم الفاقد.

وتشير إلى ان الحكومة وبعد عامين كاملين من الجائحة لم تقم بتشخيص المشكلة ومازالت تتجاهل الحالة الكارثية التي وصل إليها التعليم في الأردن عن المشاكل الاجتماعية والسلوكية التي اثرت في الطلاب.

وطالبت النمري أصحاب القرارة ضرورة الإيمان بالاستثمار بالتعليم والطفولة ووضع خطة واضحة المعالم لإنقاذ التعليم في الأردن.

من جهتها قالت الخبيرة التربوية والمختصة بالطفولة المبكرة سهى الطبال ان قضية الفاقد التعليمي لدى بعض الأطفال أكبر بكثير مما يتم تداوله، وان الفترة الماضية “التعليم عن بعد” يمكن وصفها بأنها “صفر تعليم”بالنسبة للبعض وان الجميع يعلم يقيناً بأن بعض الأهالي كانوا هم من يقومون بإجابة الامتحانات عن ابناءهم.

وتصف الطبال تأجيل بداية الفصل الدراسي الثاني بالنسبة للبعض بأنه لا يتعلق بشهرين عطلة فقط وانما سنتين وشهرين وقد بدا هذا الأمر واضحاً جداً خلال امتحانات تحدي المستوى التي اقامتها بعض المدارس.

المنسق العام لحملة “ذبحتونا” الدكتور فاخر دعاس بين بان الوزارة لم تضع اليات لتعويض الأيام الدراسية التي تم تعطيلها سواء تلك التي كانت باختصار أيام الفصل الدراسي الأول او تأجيل بدء الثاني، مذكراً بأننا مقبلون على شهر رمضان والدوام به يكون قصيراً عدا عن بدء فصل الصيف واجواءه الحارة والتي يصعب معها استمرار التعليم في مناطق الأغوار والمناطق الجنوبية في الأردن لان المدارس الحكومية غير مهيأة على الإطلاق، بالإضافة إلى تضارب المواعيد مع بدء امتحانات الثانوية العامة وما يرافقه من تفريغ للمدارس التي تعقد بها الامتحانات الخاصة بالتوجيهي.

ونوه إلى ان استثناء طلبة الثانوية العامة ليس كافياً وكان الاجدى بالوزارة ان كانت تريد تخفيف الأضرار استثناء الصفوف الأولى وهم الأكثر تضرراً والأكثر معاناة من الفاقد التعليمي وهو ما أكدته الوزارة نفسها

توفير نفقات

تخوف دعاس من ان يكون هدف التربية تخفيض الموازنة والمصاريف من خلال عدم الاضطرار إلى تعيين معلمي الإضافي أو استهلاك الطاقة في فصل الشتاء. معبراً عن استياءه الشديد من اللامبالاة الرسمية في موضوع التعليم، وان هذا التجهيل الذي يحدث سواء كان بقصد او غير قصد فلا يمكن قبوله بأي حال من الأحوال.

ووافقت النمري هذا الرأي بالقول ان عدد من مسؤولي التربية برروا التأجيل علناً بمبررات غريبة لا يجب ان تذكر مثل انهم بحاجة للتدفئة في فصل الشتاء وان إصابة أي معلم بالفيروس ستضطر الوزارة للتعيين على حساب التعليم الإضافي

نتائج سلبية على الأطفال

الخبيرة في الطفولة المبكرة الدكتورة سهى الطبال تبين أنه لا يجب إغفال عدم وجود أنشطة يقوم بها الطالب في فصل الشتاء وفي هذا الطقس البارد، وان امتداد العطلة يعني امتداد مشاهدة الشاشات وهو الأمر الذي يستحيل التغاضي عن اضراره الكبيرة على الأطفال، سواء كان ذلك من الناحية الصحية والجسدية او من الناحية النفسية، مؤكدةً ان هذه الأثار لن تظهر بوقت قصير وانما على المدى الطويل سواء من حيث الأثار على العمود الفقري او الرقبة والنظر عدا عن الأضرار النفسية والتأثيرات الناجمة عن قضاء الوقت امام الشاشات ومتابعة مواقع التواصل الاجتماعي وهو الأمر الذي يجبر عليه الأطفال نتيجة وجودهم في منازلهم في أجواء باردة وماطرة وعدم توفر خيارات أخرى لديهم.

وتؤكد الطبال ان عدداً كبيراً من الأطفال بدأوا يرددون فكرة ترك الدراسة نتيجة متابعتهم لعدد لمواقع التواصل الاجتماعي وانهم يريدون ان يصبحوا مشاهيراً لجمع النقود وهذا كله ناتج عن طول الفترة التي يقضيها الأطفال امام الشاشات وهذه واحدة من النتائج السلبية لطول فترة التوقف عن الدراسة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى