حل ” القير”

حل ” القير”
سهير جرادات

كالمعتاد استقل هو وزوجته والأبناء السيارة الخاصة بالعائلة،التي لاتعود ملكيتها لهم ، لكنه ورثها عن والده الذي، ورثها هو أيضا عن والده وجده وسجلها باسمه رغم أنه يعلم علم اليقين أن ملكيتها لا تعود له…
بالتأكيد الزوج هو الوحيد المصرح له بقيادة السيارة، صحيح أن الزوجة تجلس في المقعد المخصص لها بجانب من يقود السيارة، على يمين السائق، إلا أن إصدارالتعليمات والإشارات والإيماءات بالانعطافات أو ما يتعلق بالسرعة ، وحتى في اختيار المحطات الإذاعية خلال المسير فهي جميعها – كما هو متعارف عليه – من اختصاص الزوجة، بحيث إن الزوج يظهر للمشاهد بأنه هو من يقود السيارة إلا أنه في الحقيقة والواقع هو يقود السيارة بأوامر من الزوجة ، وبما يتناسب مع رغباتها وتطلعاتها وتوجهاتها نحو أهلها وأقاربها واخوتها .
كالمعتاد أطفأت الزوجة الراديو، وبدأت تتحدث مع زوجها ، لأنها تعشق الكلام ، ولديها قدرة على الحديث لساعات دون توقف ، وخلال حديثها تلتفت إلى زوجها تارة ، وإلى المقعد الخلفي حيث يجلس الأبناء تارة أخرى ، وجميعهم صامتون ، وما عليهم سوى الاستماع لها و ” هز ” الرؤوس؛ للتعبير عن موافقتهم على كلامها .
وفي منتصف المشوار ، حدث ما هو مخطط له ، حيث اختارت الزوجة طريقا يؤدي إلى منعطف خطير يتبعه نزول حاد ، أدى إلى أن ” هورت ” السيارة ، بصورة بدأت تزداد سرعتها نحو وادي سحيق ، وأخذ الأبناء والزوجة بالصراخ على الأب / الزوج ، الذي يقود السيارة، وفقد إلى حد ما السيطرة على السيارة ، وبدأت الزوجة – التي تحتل يمين الزوج – بإعطائه التعليمات للتقليل من السرعة .
في البداية صدقها الزوج ، وامتثل لتعليماتها إلا أنه بدأ بفقدان السيطرة على السيارة ، لذا قرر التوقف عن الاستماع لتعليماتها ، فاقترحت حلا بأن يترك القيادة للابن ، الزوج في البداية لم يخالف الفكرة، إلا أنه بادرها بسؤال : هل هو قادر على القيادة باحترافية ؟ لإن الوضع خطير، والسيارة كبيرة ، وهو ما زال شابا يافعا ولم يحصل على الرخصة بعد، عندها ركزت الأم على إقناع الأب بقدرة الابن وما عليه إلا إفساح المجال له .
عاود الزوج بسؤال آخر لمن تجلس على يمينه : لكنه ضعيف، وأنت أبرع منه في القيادة ، وبما أننا سنصل إلى هذا اليوم، ألم تحسبي لمثل هذا اليوم ، و لماذا لم تعديه جيدا؟ وتعلميه القيادة ، ضحكت وهي تجيبه : وهل انا مجنونة !! إذا علمته جيدا ، سيقود السيارة بمفرده ، وسينزلني في منتصف الطريق ، عندما يشعر بأنه متمكن ، لذا يجب أن يبقى ضعيفا في القيادة حتى يجلس في مقعد القيادة ، وتظل الإدارة بيدي وأنا من يصدر المعلومات .
للحظات فكر الزوج / الأب بأن يترك القيادة للابن، إلا أنه بقي متمسكًا بالمقود ، والسيارة ” تهور ” بصورة متسارعة أخافت من في الشارع من أهل المنطقة ، الذين بدورهم أصبحوا يركضون بجانب السيارة وباتجاه أخر النزول مكان تهويرالسيارة، لعلمهم أن قيادته ” سكر قليل ” ، حيث إنه حصل على الرخصة دون الحصول على دروس مسبقة في السواقه، وأخذوا ينادون عليه بأعلى صوتهم :” حل القير .. حل القير ” .
التفت سائق السيارة إلى أهل المنطقة وسألهم باستهجان : ” الأمر يتعلق بي وبزوجتي وعائلتي .. شو دخلكم ؟! ” .. لتأتي الإجابة منهم: نحن يهمنا من يقود السيارة ، حتى نضمن أن تبقى السيارة بحالة جيدة ، ونذكرك بأن السيارة ملكنا ، وتعود لنا ، ونحن أصحابها.. نستحلفك بالله “حل القير” ، وخليها تيجي كيف ما الله كاتبلها ، بس خليك ماسك ” الستيرنج ” .. حتى لا تضيع أنت، ونضيع نحن من وراك ..
رحمة بالسيارة وبنا : “حل القير “..
Jaradat63@yahoo.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى