رسالة الخبز والملح

مقال الأحد 16-12-2018
رسالة الخبز والملح
كان لدينا مكتسب في 30 أيار الماضي ، وهو سلمية الحراك وسلمية التعامل معه ، وبالفعل أبهرنا العالم بسعة صدر الدولة و حضارية المعتصمين ، بعد سنة شهور ،ومع تجدد حركة الاحتجاج بطبعتها الأخيرة نحن أمام خيارين إما أن نبني على هذا الرقي مدماك رقي جديد أو ننقضه كالتي نقضت غزلها ، ونعود نبني العلاقة بالتحدّي والهراوة..
أعتقد أن ما زال هناك متسّع من الحكمة ، وسعة الصدر ،والحلم، والعقلاء لم يعدموا تماماً في إدارة الأمور، عندما نتذكّر أن المعتصم أردني ابن هذه الأرض ليس عدواً ولا يحمل أجندة خارجية وليس حشّاشاً ولا مروّجاً للمخدرات كما يروّج البعض وإنما هو مواطن موجوع ومتضرر من الضرائب والغلاء والفساد فعلينا أن نحترم أوجاعه ومطالبه المشروعة وقبل كل ذلك علينا أن نحترم “أردنيته” التي تجمعنا فوق هذه الأرض وتحت هذه السماء..
وعندما نتذكر أن الدركي هو أردني أيضاَ ، ليس عدواً ولا وحشاً ولا مشحوناً وإنما هو مواطن يقوم بواجبه من أجل الحفاظ على الأمن ويؤدي وظيفة مطلوبة منه ، وفوق ذلك متضرر هو الآخر من الضرائب والغلاء والفساد علينا ان نشعر بالأعباء التي يحملها على ظهره وأعصابه المشدودة ، فهو بين مطرقة الحفاظ على الأمن وسندان ضيق المعيشة وقبل كل ذلك علينا أن نحترم أردنيته التي تجمعنا فوق هذه الأرض وتحت هذه السماء..
وكلمة حق أقولها كشاهد عيان حيث كنت يوم الخميس الماضي في ساحة مستشفى الأردن ، لم أرَ من جلّ المعتصمين الا كل الانضباط والحس الوطني والثقافة العالية والوعي التام لمستقبلهم ومستقبل وطنهم ، كما لم أرَ من شباب الأمن الا كل الاحترام والخلق الرفيع حيث كنا نتناقش ونمزح ونضحك كأصدقاء قبل وأثناء الفعالية هذا ما لمسته بنفسي و هذا ما رأيته مع معظم الحضور ، أما إن حدث احتكاك هنا أو تجاوز هناك يجب الا نسقطه على كل الاعتصام ، ومن الضروري جداً إدراك أن بعض من دخلوا الصفوف من شتّامين وشتّامات أساؤوا لنا كمراقبين ومشاركين قبل أن يسيئوا لأبنائنا في الأمن العام والدرك، هم غير محسوبين أصلاً على المعتصمين ولا يتبعون أي حراك من الحراكات المعروفة والمعلنة..
استيعاب الآخر مطلب مهم في المرات القادمة ، سعة الصدر شيمة ابن الوطن الحقيقي من الطرفين..رسالة لشقيقي الدركي : قبل ان تضع يدك على هراوتك تذكّر ان الذي أمامك أردني يشبهك ، يحملك، يتقاسم معك رغيف العيش ووجع العيش ..ورسالتي الى شقيقي المعتصم: قبل أن ترفع صوتك أو تتحدّى بقبضتك ، تذكّر أن الدركي الذي أمامك أردني،يشبهك، يحميك،..يعيش ما تعيشه ويعاني ما تعانيه فخصمك وخصمه واحد ..فساد الفاسد..
أخيراً تذكروا أن الخبز والملح الذي بيننا..لن يقدر عليه كل المتآمرين.

حماكم الله..وحمى هذا الوطن العظيم.

احمد حسن الزعبي
ahmedalzoubi@hotmail.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. قد يكون من مصلحة بعض المتنفذين إسفاط الوجه الحضاري الذي ظهر فيه الأردن في 30 من أيار..

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى