اقالة الحكومة قبل دفن الأطفال الابرياء / عبد الفتاح طوقان

اقالة الحكومة قبل دفن الأطفال الابرياء

أكد دولة رئيس الوزراء الاردني د. عمر الرزاز ان الدولة بكافة اجهزتها تواجدت في موقع الحادث (الذي اودى بحياة أطفال كانوا في رحلة مدرسية) للقيام بواجبها
ونتساءل اين كانت الدولة باعتبارها مؤسسة خدمية بكافة أجهزتها عند تصميم الجسر والطريق، وعند تنفيذ الجسر الطريق، وعند استلام المشروع، وعند انتهاء فترة الصيانة، وعند الرقابة والمتابعة الهندسية السنوية للطرق والجسور، وغيرها من الأمور قبل ان يتقدم بالعزاء لثمانية عشر اسرة تأكدت من وفاة اطفالها ، تبلغ أعمارهم بين ١١ و١٣ عاما بينما اخرين غير معروف اين هم وتوقف البحث ليلا، حسب ما أعلنت الحكومة.

اين الدولة؟ اين الأجهزة والفاعلية؟ اين خطط الإنقاذ؟ اين خطط الاخلاء؟ لماذا لم يتم اغلاق الطريق بسبب السيول؟ اين واين ومليون اين؟ كم استغرق وقت الاسناد والطائرات المروحية؟ وغيرها من لوجستيات التعامل مع الحدث والازمة؟
والي متي سيبقي الاعتماد علي مروحيات الجانب الإسرائيلي و الذي تذكرنا بحادثة وفاة المرشحين العسكريين اللذين قضوا نحبهم في البحر الميت في الثمانينات لعدم الجاهزية و التآخر من الجانب الأردني في الوصول اليهم مما ادي الي غرقهم، و قيدت الحادث ضد مجهول (اتهم عامل السنترال والذي كان يمضي فترة الخدمة الإلزامية كمكلف).

تختلف الحكومات والكوارث والمصائب تتكرر، وأصبح الأردن له تاريخ حافل من المآسي على التستر على أخطاء الحكومات ومشاريعها الفاسدة التي يستوجب الوضع ان يفتح ملف وزارة الاشغال.

الحكومة بوزرائها” المدورين” من الحكومة السابقة مسؤولة، وزير الاشغال السابق مسؤول، و زير الاشغال الحالي مسؤول؟ ، الأول مسؤول بصفته الوظيفية هو ولجان الاستلام و التدقيق علي المشروع، و الحالي مسؤول بصفته الوظيفية حيث يجب تفقد حالات الطرق والجسور قبل الشتاء و تحديد الطرق الصالحة للاستخدام و الجسور التي يجب معالجتها و تأمينها.

المفترض في دولة القانون ان يتم فورا القبض علي والتحفظ في سجن الجويدة لحين المحاكمة، بناءآ علي لجان تحقيق فنية وهندسية و قانونية و تربوية علي كل من تسبب في قتل الأطفال الأبرياء في حادث الباص و منهم وزير الاشغال السابق (كل من استلم المنصب من فتره طرح عطاء الجسر وصيانة الطريق الي استلامه) و الي الوزير الحالي ، وأيضا التحفظ علي المكتب الهندسي المصمم، و المقاول المنفذ، مدير المشروع ، اللجنة المكلفة من الوزارات و مندوب ديوان المحاسبة و مندوب المحافظة وقت أستلام الجسر و الطريق ، و اللجنة التي صادقت و اعتمدت المخططات ووافقت عليها ، و الجهة التي صادقت علي استخدام الطريق والجسر وسمحت بافتتاحه للجمهور، و أيضا لا بد من التحفظ علي من اصدر قرار بالموافقة علي الرحلة دون مراعاة المناخ و الطقس و النشرات الجوية ، و من غير مسار الرحلة بمن فيهم مدير المدرسة و مالكها و علي من يصدر امرا بأغلاق الطريق امام السيول.

المفترض ان تقوم الحكومة بإيقافهم عن العمل وبوضع الجميع في الحجز التحفظي قبل ان يدفن الأطفال وان تباشر النيابة العامة فورا بالتحقيق في خط مواز يستند على لجان فنية مؤهلة هندسية وبرلمانية للوصول الي المسببات وأوجه التقصير والإهمال وملابسات وظروف الحادث ولامتصاص حالة الغضب والاستياء والحزن الذي الم بالشعب.

أن الكوارث تحدث في كل انحاء العالم، ولكن تتم محاسبة المقصرين والمتكاسلين والمهملين والفاسدين ممن ساهموا في زيادة الضرر وعدم منعه، ويتم تشكيل لجان هندسية وبرلمانية واستشارية لمعرفة الأسباب، ويدفع الثمن المخطئ والمهمل والفاسد.

واقصد الثمن هو أولا ثمن إعادة بناء المشروع كاملا على نفقة المقاول الخاصة واعاده الوضع الي ما كان عليه بأسس سليمة، ثانيا تعويض اسر الضحايا، ثالثا تمضية عقوبة الإهمال الذي ادي الي وفاة وقتل ١٨ روحا ورابعا الحق العام.

ان ما حدث هو حالة الم وطني ووجع تجاوز الحدود ويجب الا يستمر هذا المسلسل من نعي للأطفال دون نعي للحكومة المقصرة ودون عقاب ودون قرار حاسم وملزم لكل من قصر وأهمل من أجهزة الدولة والتي ابسطها ان تضع الحكومة استقالتها بين يدي الملك ليتخذ ما يراه مناسبا.

في أكتوبر من عام ٢٠٠٢ اصطدم قطارين في منطقة العياط بمصر، علي طريق القاهرة أسيوط، و قتل ثلاثين شخصا، بسبب ان تعطل القطار الأول و جاء الثاني ليصطدم به من الخلف، فقدم وزير النقل محمد لطفي منصور استقالته فورا بمنتهي الرجولة بعد ثلاث أيام شكل فيها لجنة تحقيق ، و اقال رئيس هيئة السكك الحديد من منصبه و قدم للمحاكمة المسؤولين عن الحادث ، ورفض كل الوساطات من اعلي سلطة في الحكم حينها ليبقي وزيرا ، و بهذا سجل موقفا تاريخيا يحسب للشرفاء من المسؤولين أصحاب الاخلاقيات و المبادئ، بينما الحوادث يتم غض الطرف عنها في الأردن و يبقي الوزير يستظل بقانون محاكمة الوزراء و يعود بعد إخفاقات و فساد و اهمال يمتطي سرج الوزارات بأنواعها مره تلو الأخرى ، دون استحياء و دون رادع في غياب مفهوم “الدولة ذات مبادئ الوطن ” ..

ان حجم المسؤولية السياسية تقع على عاتق حكومة د. عمر الرزاز وهي مبرر كاف للملك عبد الله الثاني لإقالتها.
عندما اختطفت الطائرة الملكية الي بيروت، لم يكن قد مر علي تعيين قائد وحدة الامن والحماية اسبوعان، و هو من اكفأ ضباط سلاح الجو والخطاء ليس منه، و لكن ذهب الملك الراحل الحسين اليه بمكتبه و اقاله فورا ، لا مجال و لو لحظة لرمشة عين تهدد سلامة الوطن او أي من أبنائه، فما بالكم بحادث افضى الي موت الأطفال نتيجة اهمال و فساد مواصفات و البحث عن بقية المفقودين متوقف بسبب حالة الطقس؟.

aftoukan@hotmail.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى