ملاحظتان على الهامش / يوسف غيشان

ملاحظتان على الهامش

(1)

«مش ابن عيشة» …. عبارة نقولها كجملة خبرية ذات طابع تنجيمي تنبؤي كلما عرفنا شخصا – خصوصا إذا كان طفلا أو شابا – ذكيا ومتميزا.. وإذا توفى احد هؤلاء نقول ذات العبارة مع التأكيد بأننا عرفنا انه سيموت مبكرا لأنه (مش ابن عيشة).

التراث العربي يحفل بهذه الأمثال التي تؤكد ان لا مكان للأذكياء بيننا.. فهذا المتنبي يعلن على الملأ بأن الطفل (زيتون) لن يكمل الأربعين يوما على هذه الحياة، لمجرد انه (شمط) المتنبي بيتين من الشعر يسخر من قصة النبوة التي ادعاها.

هذه مجرد أمثلة على حزمة من الأقاصيص والحكايات التي تشي بأن تاريخنا يرفض الأذكياء والعباقرة والمتميزين ويعتبرهم شذوذا عن القاعدة وان لا مكان لهم في دفتر الحياة.

لن نتطور إلا إذا اختفت هكذا أحكام من تراثنا القادم، وصرنا نحتفي بالمتميزين بدل ان نحكم عليهم بالموت العاجل.

(2)

موزة واحدة يوميا تبعد شبح السكتة القلبية …..تفاحة يوميا تبعد الطبيب عن البيت. جزرة تبعد طبيب العيون. ..حبة مندلينا تحول عائلة طبيب الانف والحنجرة الى شحادين…السبانخ تبعد الصيدلي …..الكاكا تبعد الباسور…الشمام يبعد الناسور

البطيخ يبعد الصرصور..الباذنجان يبعد آداب المرور…الزيتون يبعد طبيب الكلى

البصل يبعد المعارف

الثوم يبعد الجميع تماما.

هذا وما يشابهه ما تطالعنا به الصحف وباقي وسائل الاعلام كل صباح، ولو صدق هذا لكأن ابناء الخضرجية وأصحاب بسطات الأعشاب والخضار والفواكه على الطرقات هم اكثر الناس صحة وشبابا وحيوية، يحسدهم جميع الاطباء وأولادهم وبناتهم وأحفادهم ومن لف لفهم في البلاد وفي المهجر، ناهيك عن الممرضات والتمرجية واصحاب المستشفيات الخاصة.

ان تبسيط امور السلامة الصحية بموزة او برتقالة هو اعتداء صارخ على صحة الانسان … تحديدا الذي يصدق هكذا سواليف ويوغل في سمط الجزر والمندلينا والتفاح ويعتقد انه ليس بحاجة الى طبيب، وان ما يصيبه من اوجاع هو مجرد انتفاخات تنتهي بالبابونج والشيح وجرية الحمامة …يظل هكذا حتى (يكت) مثل شامبر اللوكس.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى