سوريا والتدخل العسكري الخارجي / عبدالحي الحباشنة

سوريا والتدخل العسكري الخارجي – حساب السرايا وحسابات القرايا

مؤشرات كثيرة على محاولات التدخل الخارجي في سوريا باتت اكثر تركيزا ووضوحا من ذي قبل تبدت في تصريحات غير متحفظة لقادة سعوديين تحديدا رافقتها الكثير من اعلانات الترحيب والتأييد امريكيا واوروبيا وصادفت صمتا اقرب الى التاييد من تركيا ودول الخليج , ويتجلى فارق واهمية هذه المواقف الجديدة بجملة من الاجراءات التدريبية المشتركة لجيوش المنطقة والتي يتم تسريبها للاعلام بصورة منهجية مقصودة وجملة من التغيرات الميدانية في الداخل السوري باتت تميل بصورة جلية لسيطرة القوات الحكومية على مزيد من الارض مع تراجع واضح في انجازات ما يطلق عليه الغرب بالمعارضة المعتدلة وانحسار نفوذها خاصة في الخاصرة الجنوبية في درعا والشيخ مسكين . وتراجع صوت المعارضات المختلفة خاصة بعد حضورها الواهن في جنيف 3 .
وفي سياق هذه الامكانية فانه لا بد من ادراج الملاحظات التالية والمرتبطة بصورة لصيقة بحسابات أي تدخل عسكري على الجانب السوري :
اولا : سوريا اليوم( النظام الرسمي ) تختلف عن سوريا قبل سنتين او ثلاثة فهي اليوم تتدثر بتحالف عميق مع ايران وروسيا مع دعم مطلق وانغماس واضح في المعركة من حزب الله وشيه تاييد ودعم صيني ومناصرة مضمونة من دول البريكس وتاييد ضمني من الجزائر وعدد من دول المغرب العربي وعلى اقل التقديرات بصمت مصري اكثر قربا للنظام الرسمي منه للمعارضات المختلفة .
ثانيا : قواعد عسكرية روسية متكاملة تتموضع في سوريا بكل دلالات ذلك العسكرية والتقنية واللوجستية .
ثالثا : تجذر الوجود الايراني في سوريا ومن موضع مريح اكثر من أي وقت مضى خاصة مع توقيع ايران لاتفاقها النووي الشهير والافراج عن جزء هام من ارصدتها .
رابعا : وضوح شكل التحالف وحالة التكاتف الواضحة تجاه الدفاع عن النظام الرسمي واعلان الاستعداد التام للتدخل بكل الصيغ للمحافظة عليه روسيا وايرانيا .
خامسا : احكام النظام الرسمي السوري على مزيد من المدن والاراضي وبسط سيطرته عليها واستمرار العمليات العسكرية وتوغلها بدعم ومشاركة روسية واضحة .
اما في الجانب الاخر الذي يلوح بالتدخل العسكري تحت عناوين مختلفة لعل جوهرها الاطاحة ببشار الاسد وعدم قبول اية تسوية بوجوده وعنوانها داعش والارهاب واخواتهما فاننا نلمح الملاحظات التالية :
اولا : غياب جدي لمصداقية جذرية مؤسسة على اسس مفهومة بين اطراف التحالف الدولي فيما يتعلق بالملف السوري وملف الارهاب كما يقول عرابوه بحيث تبدو المسالة بدون محددات جدية
ثانيا : انشغال السعودية بالحرب في اليمن وعدم وجود اطار منظور لانتهاءها يجعل من تدخلها وهي القوة الاهم محل سؤال كبير عن المألات والنتائج
ثالثا : تعقيدات الميدان وامكانيات تشتت أي تدخل في ارض واسعة وغير امنه . وخاصة بعد تصريحات روسية وايرانية وسورية اعتبرت أي دخول عسكري دون اذن النظام الرسمي السوري عدوانا يستوجب الرد .
رايعا : قدرات عسكرية منسقة وتحالف يستند الى مصالح واضحة ورؤى متقاربة واليات عمل وتحرك ممنهجة ومؤطرة في الجانب الاخر تزيد من خطورة نتائج أي تدخل عسكري بري محتمل .
خلاصة المسألة ان امريكا والغرب (ليست ممسكا ) كما في المثل العربي الشائع وهي ليست معنية بحجم الدم المراق على الارض العربية ايا تكن وجهته وليس لديها مانع من استمرار الفوضى والقتل والدمار لفترة طويلة قادمة من الزمن فجذريا ليس هناك أي تهديد جدي لمصالحها وهي في حالة اتفاق ضمني على رسم الحدود الفاصلة في النفوذ مع روسيا وتدرك جيدا حجم الدور الايراني الذي ساهمت في صناعته وتسويقه والخاسر الاكبر هم العرب انظمة وشعوبا وارضا .
أي تدخل عسكري بري دون موافقة ومشاركة النظام الرسمي في سوريا كارثة محققة للقوة العربية وتشتيت للمشتت اصلا وداحس جديدة ستاكل الجميع بنيرانها باموال ودماء وعمران عربي بجدارة .ولعله من المجدي حتى بالمعنى المصلحي المباشر ان تعمد السعودية الى طرح توافقي يجمع المفترقين وان يكون الجهد المبذول عربيا باتجاه وقف شلال الدم المنهمر وتخفيف ويلات الناس وان تعمل مصر والاردن وتركيا على اسنادها وليكن اتخاذ القرار مبنيا على حسابات الدولة والمصالح العليا للامة واذا كانت كل هذه الامكانات متاحة فلتوظف لتحقيق هدف نبيل بدلا من توجيهها نحو الخراب والموت وهذا ينطبق بالضرورة على النظام الرسمي السوري وحلفاؤه في ايقاف القتل والتدمير .
القادة التاريخيون هم من يصنعون الحياة وليسوا من يجلبون الخراب وان حسابا خاطئا واحدا قد يكون مصيريا بالنسية لملايين العرب المثقلين بهموم الموت وتعب الاحتراب وعلى الحاسبين ان يتعظوا بما جرى ويجري في العراق وليعلموا ان حسابات القرايا تختلف كثيرا عن حساب السرايا فليتهم يرفقون قبل فوات الاوان

اظهر المزيد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى