هردبشت مع المارد / يوسف غيشان

هردبشت مع المارد
عدت متأخراً إلى البيت ، لا أذكر أين كنت ولا كيف ولا لماذا ، في الواقع لم أكن قد عدت بعد ، فقبل أن أصل بيتنا بقليل وعند الكوربة وبالقرب من مزبلة طنوس ، رأيت ما يشبه المصباح القديم فركلته بقدمي على طريقة مارادونا ، فارتطم المصباح بالجدار المجاور وعاد وضربني في صباحي ، وسقط بين أقدامي ، ثم خرج منه الدخان الكثيف .. اعتقدت أنّها قنبلة دخانية قديمة مسيّلة للدموع ، واستذكرت الأطفال الذين يلهون بقطع معدنية على المزابل فتنفجر بهم .. فقلت : لقد جاء دوري.
وقبل أن آخذ الأرض لتخفيف الضرر ومحاولة النجاه سمعت صوتا يناديني من بين الدخان :
– يا يوسف يا ابن غيشان عليك الأمان !!
رويدا رويدا انقشع الدخان وظهر المارد مسروراً ومدّ يده العملاقة وشكرني لأنّي خلّصته من سجن دام قروناً عديدة ، ثم قال لي : شو بدّك بطول السالفة .. اطلب و( اتمنّى ) .
وقبل أن ينهي المارد كلمته ، وخشية أن أكون في حلم ، وليس في علم ، قلت :
– بدّي قصر كبير ، ومليون دينار.
قال المارد :
– أمرك يا أبو الغيش !!
طار المارد في الأعالي ثم عاد وهو يحمل صندوقاً ، سلّمني إيّاه ، ففتحته على الفور وكمشت ما فيه ، فخرجت في يدي قطع نقدية بيضاء وحمراء ، عددتها وإذا بها تساوي دينارا . قلت ما هذا يا مقرود ؟ إنّه مجرّد دينار واحد تصرفه ابنتي توجان خلال ربع ساعة .
قال :
– هذا ما تبقّى من المليون دينار !!
– وين الباقي ؟
قال المارد احسب :
16% ضريبة مبيعات ، و18 بالميّة جمارك ، و2% ضرائب إضافية ، و13 بالميّة عمولة ، و14% فرق عملة لأني حرّرتها بالدولار أولاً ، ثمّ باليورو ثمّ الين ، وبعدها حوّلتها إلى الدينار الأردني .
و22% بدل سفر وبدل اختراق أجواء الدول الصديقة والعدوّة ، ونمت مرتين في الطريق بفنادق درجة اولى ودفعت من المليون طبعا .. واشتريت شاورما من الدوار الثاني ، ومعطت أرجيلة في جفرا .. وقد كدت أخسر الدينار الأخير ، هناك لكنّي خرجت دون أن أدفع البقشيش .. عشانك بس !!
قلت في نفسي :
– هذا مارد أزعر لكن على الأقل بقي القصر المنيف .
وكأنّه عرف ما قلت في نفسي فقال :
– أمّا القصر ..
– ما له .. وينه ؟؟
– عمّرته لك بثوانٍ على أرض ميري .
– طيب شو يعني ؟؟
– باعوها مع القصر اللّي بنيته ، قبل أن أكمل التشطيبات.
من كتابي(هكذا تكلم هردبشت)الصادر عام2011

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى