الطبيعة/ م.ناجح الخطيب

:
اول مرة تعاملت مع هذا المصطلح حين طلب منا المدرّس احضار دفتر يسمى( دفتر طبيعة) وكان مختلفاً عن بقية الدفاتر( ٣٢،٦٤،٩٦) اذ كانت هذه الدفاتر مسطرة بينما كان هو نصف ورقه بدون تسطير .ولما تقدمنا بالعمر وبالعلم صار مصطلح الطبيعة يختلف فمرة يشاغب على فكرة الخلق ومرة يرتبط بعلوم اسمها علوم الطبيعة؛ وبينما نحن منخرطون في هذا الجدل لم نكن نلاحظ اننا محاطون بالطبيعة من كل الجهات ، فنحن نمشي غالباً حفاة واقدامنا على تماس مع الطبيعة، وفي الصيف ننام( برّه) او على السطوح وجهاً لوجه مع المشتري والمريخ وعطارد واخواتها ، وننتقل على الدواب بدون إغلاق النوافذ وتشغيل المكيف،
ونحرث ونحصد وتعلمنا لغة الطبيعة والتناغم معها، فلا نذرو الحب الا اذا ( تحرك ألهوا) ولا ندرس العدس الا اذا راقبنا غزلان الندى وهي غيوم خفيفة تعد بندىً صباح الغد . لم نكن نخاف الطبيعة او نكرهها مثلما نفعل اليوم، قطعاننا تعود مساءً بعد ان قضت يومها في ضيافة الطبيعة ترتع وتلعب، وآبارنا غصت بمياهها دون فواتير وتهديد بالقطع او الرفع ، ورغيف خبزنا نعرف نسبه حتى الجد الخامس وكنا نعتبره من ملحقات الاولياء والصالحين، نسمي بالله عندما نلمسه، كان طاهراً شريفاً.
اليوم وبعد ان ادرنا ظهرنا للطبيعة وأنكرنا
انتسابنا اليها فنصبنا الستائر على نوافذنا كي لا نراها وركّبنا المكيفات حتى لا يلفحنا هواوءها ورحنا نشرب الماء المعلب بالبلاستيك،لذا احتجت الطبيعة على هذا التنكر، ووجهت انذاراً شديد اللهجة مضمونه : انني قادرة على اقتلاع كل استحداثاتكم المدعاة ، فاغرقكم واجرفكم
واعيدكم بالقوة الى رعايتي، فعودوا الى رشدكم وستجدون فيَّ الام الروءوم.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى