تكرار العبث بالدستور … إلى أين؟

تكرار #العبث_بالدستور … إلى أين؟

بقلم د. عمار سليم الخوالده

أما قوى الشر التي تدير المشهد من وراء حجاب فقد نجحت في الاجهاز على ما تبقى من البنية الدستورية للدولة بغزوتها الأخيرة المتمثلة بسيل التعديلات الدستورية الجارف والمُستعجل، وخصوصا العمل على دسترة ما أطلق عليه اسم مجلس الامن القومي، متوّجة بذلك محاولات ترسيخ عرى الممارسات الدكتاتورية كطريق أوحد لادارة شؤون الدولة بعد أن قوَّضت عبر السنين بنية مؤسسة المجلس الوزاري وسرقت ولايته التنفيذية العامة، ثم حطمت من بعد صورة المجلس التشريعي تزويرا لانتخاباته تارة وعبثا بمنظومة التشريعات الانتخابية تارة أخرى لضمان ضعف مدخلاته إفضاءً الى رداءة مخرجاته.

أما ما يثير الاشمئزاز فتلك الدكاكين الإعلامية التي تدعي العمل على التمكين المجتمعي وتقدم نفسها كمنصة حوار مفتوح في حين تمارسالبغاء السياسي والتضليل الإعلامي بترويجها ومنذ أشهر لدسترة ما أطلق عليه اسم مجلس الامن القومي وهو مجلس يسلب السلطة التنفيذية صلاحياتها ويتوج نفسه سلطة فوق السلطة في تعد صارخ على الأسس الدستورية الراسخة التي أطَّرت لسلطاتٍ ثلاث تمارسعملها باستقلالية تامة.

لقد دأبت تلك الدكاكين الاعلامية ونيابة عن قوى الظلام التي تغذيها “بالمعلومات المهمة” على الترويج لضرورة دسترة “مجلس الأمن القومي” والذي تهيمن عليه الصبغة الأمنية والعسكرية وما انفكت تقول للناس أن حكومة برلمانية ينبغي لها ألا تكون صاحبة الامر في القرارات السيادية العليا للدولة اذ كيف لحزبيٍّ مثلا أو برلماني أن يقرر أمرا سياديا للدولة ودأبُه المناكفات، وكأن الحزبيين في حال توليهم للحكومة غيرقادرين على أن يتخذوا قراراتٍ وطنية صعبة فوجب سلب الصلاحيات المهمة منهم وتسليمها لمجلس أمني الصبغة عسكري الطابع، مع فخرناالشديد بمؤسستنا العسكرية الراسخة، لكن دون أن نقحمها في أمر “السياسات” كما تروج له تكايا الإعلام الصباحي الرخيص وكما تعمل على تمريره تلك الاصابع الخفية من خلال مجلس النواب ذي الشرعية الشعبية المتآكلة جدا.

لقد حذرتُ وفي عدة مقالات سابقة من خطر عسكرة الحياة السياسية في الاردن ونوهت غير مرة الى الجهد الخفي الدؤوب الساعي الى عسكرة الدور الدستوري للملك، وهو دور مدني ضامن على رأس السلطات الثلاث، فإن جرت عسكرته كما يريد هؤلاء، فقد الحقنا أذىً عظيما بكيان الدولة كلها وبالمكانة الدستورية الراسخة للملك.

إن مسلسل العبث بالدستور ما انفك يسير بخطى ثابتة لكنها تفعل فعلها في خلخلة بنيان الدولة المتين، ولو أرادوا الاصلاح حقا لما تبنوا مخرجات “لجنة المنظومة” إياها التي تعزز التقسيمات المصطنعة لمجتمعنا على اساس ديني تارة (مسيحي ومسلم) وعرقي تارة أخرى(شركس وشيشان)، وتكرس التمييز على أساس جندري (رجل وامرأة)، وعُمْري (كوتا الشباب)، في خرق أبلج للقاعدة الدستورية الثابتة”الأردنيون أمام القانون سواء لا تمييز بينهم في الحقوق والواجبات وان اختلفوا في العرق أو اللغة أو الدين”.

انه لأمر محزن أن يتم العبث بالدستور كلما دق كوز رغباتهم بجرة الوطن وان معركتنا الفكرية اليوم هي معركة الدفاع عن الحقوقالدستورية والعودة بمؤسساتنا الدستورية الى دورها الأصيل في الحكم إعمالا لمبدأ فصل السلطات مع وحدة مصدرها كما نصت المادة 24 من الدستور ” الأمة مصدر السلطات”

اظهر المزيد

تعليق واحد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى