باسل العكور يكتب .. الشعبوية تجذير للديمقراطية واعداؤها منسلخون عن قواعدهم منحازون للسلطة

#سواليف

#الشعبوية تجذير للديمقراطية، واعداؤها منسلخون عن قواعدهم منحازون للسلطة

كتب .. باسل العكور

ان الانحياز للطبقات الاجتماعية المهمشة ” #الشعب ” لا يمكن ان يكون ابدا انحرافا عن مبادئ #الديمقراطية القائمة على احترام التعددية ومراعاة مصالح جميع مكونات المجتمع ،هذا بالفرض الساقط ان هناك ديمقراطيات يعتد بها في عالمنا العربي .

ان تجاهل #الاستياء_الجماهيري، واستمرار عملية احتكار الهيمنة والادارة لشؤون البلاد والعباد والاستحواذ على جميع الامتيازات السياسية والاقتصادية والاجتماعية ، ليس من الديمقراطية في شيء، ولو غلف ذلك باطار ديمقراطي استوعبته هذه النخب وباتت قادرة على تطويعه وتوظيفه لصالحها .

محاولات التعلم من الناس والاستماع لهم والتعبير عن آرائهم واتجاهاتهم، بدل ممارسة الوصاية عليهم والنزوع لتوجيههم واقتيادهم عنوة، ليست تهمة، التماهي مع الشعب ليس تهمة، مواجهة الطبقات المهيمنة ليست تهمة، تحدي المؤسسات المستبدة ليس تهمة، التحدث بلغة الناس والدفاع عن مصالحهم وحقوقهم وحرياتهم ليس تهمة، وهذا يعني بالضرورة ان الشعبوية ليست سبة او تهمة ، اذا ما اخذنا بعين الاعتبار التعريفات المرجعية لهذا المصطلح والتي تعني كل ما ذكر اعلاه .

المفكرون الغربيون وعلى امتداد عقود مضت قالوا ان #الشعبوية تشكل نمطا من العمل السياسي الذي يضع الشعب في مواجهة الطبقات المهيمنة ،و تنطلق من العناصر الشعبية – الديمقراطية كخيار مضاد لايديولوجيا الكتلة المهيمنة ، هذا المصطلح الذي توافق مفكرون معاصرون ك ادوارد شيلز و ارنستو لاكلاو و مارك فلورباي وادوارد سيلس على انه “ايدولوجيا الاستياء الموجهة ضد نظام اجتماعي مفروض من قبل طبقة مضى على وجودها في وضع الهيمنة فترة زمنية طويلة ويفترض انها تحتكر السلطة والثروة والامتيازات ” ، عرفت بانها ” خطاب عام يتحدى المؤسسات التقليدية”، وعرفت بانها ايضا تعبير عن قوة اجتماعية متحررة تتحدى بها الجماعات المهمشة اجهزة السلطة المهيمنة ” ، وعرفت بانها ثورة ضد النخبة المستحكمة على السلطة ، وانها مصطلح لوصف الاتجاهات المناهضة للنخب الحاكمة” ، لا يجوز ابدا ان يجري تسطيحه وشيطنته وتحريف معانيه ودلالاته ، ولذلك نقول ان الشعبوية ليست شرا مستطيرا كما يحلو للبعض وصفها ، وانما هي مقاربة لتجذير الديمقراطيات وحماية شرعيتها وتعبيرها عن جميع مكوناتها بعدالة و توازن ، وتأتي الديمقراطية – الشعبوية لحماية المجتمع من عيوب الديمقراطية الليبرالية المتوحشة ، التي طالما وصفت اعداءها بالشعبوية ..

اما اولئك الذين يصبون جام غضبهم على الشعبوية، وقد اكتفوا بقراءة سطور معدودة عن المصطلح عبر ويكيبيديا ، عليهم ان يتريثوا قليلا ، فهذه الضحالة المعرفية تحرجهم قبل ان تساهم في تضليل عوام يقعون غالبا ضحية عمليات الاستذة المتخيلة و الاستعراض المتكلِف ..

صحيح ان مفهوم الشعبوية كان وما زال اداة عراك خطابي شديد الادلجة ، لكن ذلك لا يعني ابدا ان نقفز بقصد عن معانيه ودلالاته وتعاريفه التي تضعه في سياق نشاط سياسي ديمقراطي مشروع يعبر عن حراك اجتماعي مناوئ للسلطات ومطالب بالاصلاحات ..

التحامل على المصطلح ليس بريئا ، واستخدامه كتهمة يأتي في سياق النيل من الخصوم السياسيين ، كما يأتي تعبيرا عن ازمة لها علاقة بانسلاخ اصحابها عن قواعدهم وسقوطهم في حضن السلطات الغاشمة والمستبدة.

الشعبوية هي خيار صعب للغاية وله كلف باهظة، ان تعبيرك الحر والصادق عن الكتل المهمشة يحتاج الى ارادة صلبة واعتقاد راسخ ،وهاتان الصفتان لا يمكن ان تجتمعا في اعداء الشعب والشعبوية ..

امام عن التعريف المجتزأ الوحيد الذي يبني عليه اعداء الشعبوية موقفهم من المصطلح فهو نشر على ويكبيديا عن الخطاب الشعبوي ، الذي وصف” بالخطاب المبهم والعاطفي الذي لا يتعدى الافكار والرؤى، بل يميل الى اثارة الحواس والهاب المشاعر ليتماشى مع المزاج السائد او يختاره صناع الخطاب ليبدو على انه سائد ، من دون ان يفيد من ناحية اخرى في التعامل الجدي المسؤول مع المشاكل الواقعية ، ويكثر الخطاب من التركيز على وردية الحلم وتبسيط الامور” ، المرجع كتاب “في هجاء الشعبوية” ٢٠١٣ ، وهذا مرجع واحد و وحيد ، تحدث عن انزلاق الخطاب الشعبوي الى حالة لا تشبه الخطاب الشعبوي في شئ ، مفترضا ان الناس بمنتهى السذاجة و الغباء ، وهي ذات المقاربة التي تقول ان معظم جمهور الخطاب الشعبوي من الاميين والفقراء وهي ذات الشريحة التي وصفها كارل ماركس ب “البروليتاريا الرثة ” او بقاع المجتمع ، وفي هذا التوصيف اساءة بالغة وجارحة للناس واستخفاف بوعيهم وقدرتهم على التمييز ، وهذا تعريف ساقط تماما ..

المفكر الفرنسي اندريه تاغييف الذي انهت به ويكبيديا اقتباساتها قال عن الشعبوية “من الخطأ مساواة الشعبوية مع الديماغوجية، الديماغوجية تهدف الى تضليل الاخرين، وهو ما يفعله اعداء الشعبوية، بينما الشعبوي يضلل نفسه، فهو حالم ورومانسي، وانهى تاغييف تعريفه بالقول ان من اهم خصائص الشعبوية “انها تمثل ثورة ضد النخبة “، وهذا مربط الفرس ..

وعليه، فأنا أتمنى أن أكون شعبويا أو شعبيا لا فرق، أعبر عن الناس وأستخدم لغتهم وأعكس مواقفهم و اتجاهاتهم ، ولو كره أزلام السلطة و محللوها ..

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى