مصرية ممنوعة من السفر لعلاج ابنها بإيطاليا: الأطباء أبلغوني بأنه لا دواء لابني فلماذا يحرمونني من المغادرة

“حتى ينهي آلام أخيه”، هكذا تحدث سامية إبراهيم والدة الطفل أحمد فؤاد مرعي الذي لم يتخط الـ14 عاماً، والذي خاض تجربة الهجرة غير الشرعية على متن مركب صيد وسط أمواج البحر الأبيض المتوسط، أملاً في الوصول إلى إيطاليا، من أجل البحث عن علاج لأخيه أسامة من المرض المزمن الذي يعاني منه منذ أن كان عمره عامين.

وكشفت والدة أحمد في حوار خاص مع “هافينغتون بوست عربي”، عن تفاصيل كيفية منعها من السفر إلى إيطاليا، وكيف تم نقلها من قريتها بمركز مطوبس في محافظة كفر الشيخ في شمال مصر، لحجزها مع ابنها أشرف في مستشفى الشيخ زايد بالجيزة وسط إجراءات أمنية مشددة، تمنع خروجها أو دخول أحد عليها حتى ولو من أسرتها دون الحصول على موافقة من الجهات الأمنية ووزارة الصحة.

ويجدر الإشارة إلى أنه تم منع مراسل “هافينغتون بوست عربي” من الدخول إلى غرفتها بالمستشفى، رغم الحصول على موافقتها تليفونياً وإبلاغه بأن تواجده بالمستشفى غير مرغوب فيه، وتم إجراء الحوار عن طريق الهاتف المحمول أثناء التواجد خارج أسوار المستشفى.

المنع من السفر

في البداية نود أن نعرف حقيقة منعك من السفر أنت وأسامة إلى إيطاليا؟

الرواية التي تم ترويجها أنني توجهت إلى المطار ثم تم منعي من السفر ليست حقيقة، ولكن من المؤكد أن هناك جهات حكومية تدخلت لتعطيل سفري.

كيف ذلك؟

السلطات الإيطالية من خلال سفارتهم في القاهرة تواصلوا في الأيام الماضية لاتخاذ كافة الإجراءات اللازمة حتى أتمكن من السفر إلى إيطاليا، وذلك بعد أن استطاع ابني أحمد الوصول إلى المسؤولين الذين سمعوا منه عن مرض شقيقه، وتحديدا يوم الأربعاء الماضي، أرسلت السفارة الإيطالية سيارة قامت بنقلنا من قريتنا في كفر الشيخ، وتم حجز غرفة لنا في أحد فنادق القاهرة.

وصباح الخميس الماضي توجهت إلى السفارة بسيارتها، حاملين جوازات السفر التي استخرجناها بناء على طلبهم، وداخل السفارة قمت بملء الاستمارة الخاصة باستخراج تأشيرة السفر تمهيدا للسفر يوم الجمعة الماضي، حيث كان من المقرر أن أسافر أنا ومعي أسامة وشقيقته الصغرى جنا، وبعد عودتنا من السفارة إلى الفندق، فوجئت باتصال من مكتب وزير الصحة المصري وكان الدكتور خالد مجاهد المتحدث الرسمي باسم وزارة الصحة. انقطع الخط وهو ما فسره في وقت لاحق أنني أغلقت الخط، وهذا لم يحدث، بل وحاولت عدة مرات الاتصال بهذا الرقم، إلا أنه كان رقم أرضي داخل الوزارة.

ولم تمر ساعات قليلة من اتصال مدير مكتب الوزير بي، حتى جاء سائق السفارة ليحضر لي جوازات السفر دون تأشيرة السفر، وهنا بدأ القلق ينتابني، خصوصا مع توقيت الاتصال الذي كان أول تواصل من مسؤول حكومي معي رغم مرور أكثر من أسبوعين على سفر أحمد إلى إيطاليا، وتأكدت شكوكي في اليوم التالي بحضور سيارة السفارة لتعيدني مرة أخرى إلى كفر الشيخ، وفي ذات اليوم تحضر سيارة إسعاف تابعة لوزارة الصحة لتنقل أسامة وأنا معه إلى مستشفى الشيخ زايد بمدينة 6 أكتوبر بالقاهرة.

sss

ألم يفسر لك أحد الموقف سواء من الحكومة أو السفارة؟

حتى الآن لا أعرف ما الذي حدث في فترة ما بين صباح ومساء الخميس الماضي، ولكن المؤكد لدي أن هناك من تدخل لوقف إجراءات سفرنا، وحتى الآن لم أتواصل مرة أخرى مع سفارة إيطاليا، فلم يحدثنا أحد منها لتوضيح ما حدث إلى الآن، ولم أستطيع التواصل معهم لأنني لا أملك غير أرقام التليفونات الأرضية، وهي أرقام في المكاتب ولا يرد عليّ أحد.

هل تظنين أن الحكومة المصرية هي من أوقفت السفر بالضغط على السفارة الإيطالية؟

أكيد.

هل علم أحمد بما حدث معك؟

نعم علم بذلك وغضب جداً وكان يحلم باليوم الذي أذهب إليه بأخيه حتى يتم علاجه.

حقيقة مرض أسامة

في البداية كانت الأخبار تشير إلى أن أشرف مريض بـ”سرطان الدم” ثم تغير الكلام وقيل إنه مرض وراثي.. ما حقيقة الأمر؟
أشرف ابني ليس مريضا بسرطان الدم، لكنه مريض بمرض آخر يسمى “تكسير الصفائح الدموية”، وهذا المرض ليس وراثياً فليس لدى أي من أفراد أسرتنا هذا المرض.

متى أصيب ابنك بهذا المرض؟

الإصابة كانت قبل نحو 7 سنوات وكان حينها قد بلغ من العمر سنتين، ومنذ ذلك التاريخ ونحن نتابع مع الأطباء والمستشفيات، ونجري التحاليل الدورية وتحاليل الدم الشاملة لمعرفة تفاصيل حالته.

ما مضاعفات هذا المرض والآثار الجانبية التي تظهر على أشرف؟

ينتج عن هذا المرض نزيف داخلي أو خارجي عن طريق الأنف والفم بين الحين والآخر، كما أن ارتطامه بأي مكان أو وقوعه ينتج عنه بقع زرقاء في أماكن الإصابة.

صفي لنا رحلة علاج أشرف منذ بدايتها حتى مجيئكم إلى مستشفى الشيخ زايد التخصصي؟

أشرف بدأ رحلة علاجه في مستشفى الشاطبي في محافظة الإسكندرية، منذ أن كانت سنه عامين وحتى بلغ 5 سنوات، وحينها قالوا لنا إن حالته أصبحت مستقرة ولم يعد بحاجة إلى استمرار السفر والتردد والمتابعة مع المستشفى، وفي تلك الفترة كانت تكاليف العلاج والتحاليل على حساب المستشفى، ولكن بعد ذلك كنا نتحمل كافة مصاريف العلاج والتحاليل، حيث طالبنا الأطباء بإجراء تحاليل كل 3 أشهر تكلف حوالي 300 جنيه، غير تكاليف العلاج الخاص به.

ولم تتواصل معنا وزارة الصحة منذ ذلك التاريخ إلا قبل موعد سفرنا لإيطاليا بـ24 ساعة، وبعدها تم نقل أسامة إلى مستشفى الشيخ زايد، ورغم الراعية الجيدة، إلا أنهم لم يقدموا جديدا لعلاج ابني، بل تم فرض الحصار علينا، وتم منعنا من الخروج من الغرفة، أو دخول أحد إلينا، حتى أنهم قالوا لنا إن زيارة الأهل ممنوعة.

هجرة أحمد إلى إيطاليا

هل كان لديك علم مسبق بنية أحمد السفر إلى إيطاليا؟

لا.. لم أكن أعلم، وأحمد كان بيشتغل مثل باقي أطفال القرية على مراكب الصيد في البحر المتوسط، وفي آخر سفرية له في البحر تأخر عن المدة المعتادة في السفر، حيث كان لا يمكث بالبحر أكثر من يومين، وطال غيابه إلى 8 أيام لا نعرف عنه شيئاً، ولم تعد المركب التي كان عليها، وحينها جاءنا خبر أن تلك المركب غرقت في البحر، وكانت صدمة لنا ولأهل القرية كلها، وخيّم الحزن على الجميع لمدة 24 ساعة، وذلك قبل أن يتصل بنا أحمد في اليوم التالي، ليخبرنا أنه وصل مع جميع أفراد المركب إلى إيطاليا.

ما الذي دفع أحمد لتلك المخاطرة والسفر بطريقة غير شرعية إلى إيطاليا؟

أحمد هو أقرب أبنائي إلى شقيقه أسامة، خصوصاً أن أسامة جاء ترتيبه بعد أحمد مباشرة من حيث الأبناء، فهناك شقيقهم خالد وهو ابني الكبير وعمره 15 عاماً يدرس في المرحلة الإعدادية، ويليه أحمد في الإعدادية أيضا (14 عاماً)، ثم بعدهم أسامة 9 أعوام والأخيرة جنا شقيقتهم الصغرى 4 سنوات.

ومنذ صغره تعلق أحمد بشقيقه أسامة، خصوصاً مع الآلام التي يعاني منها شقيقه الصغير، وفي كثير من المرات كان يدخل هو وأشقاءه في نوبة بكاء شديدة لحظة مشاهدة أسامة وهو ينزف الدماء، وكانوا يعلموا مصروفات العلاج التي كانت ترهقنا كثيرا، فنحن من أسرة اجتماعية تجد قوت يومها يوما بيوم لأن زوجي مريض بالسكر كما علمنا مؤخرًا أنه مُصاب بفيروس الكبد الوبائي (C) وهو عامل باليومية في مصنع طوب، وعمره 46 عاماً.
وأحمد كان دائماً مشغول بكيفية مساعدة أسامة ووالده وهذا ما جعله يغامر بحياته في البحر بحثا عن هذا الأمل.

المستقبل

هل مازال لديك رغبة في السفر؟ طبعاً، فجميع الأطباء بمن فيهم أطباء مستشفي الشيخ زايد، قالوا لي إنه لا علاج نهائياً لأشرف، وإنه ليس بيدهم إلا متابعة الحالة كل فترة للتأكد من استقرارها، كونه معرضاً للنزف في أي لحظة، ولا أنكر حسن المعاملة التي تتم معي، ولكني أتمسك بعلاج ابني نهائياً وتخلصه من مرضه، وهذا ما أكدته لنا السلطات الإيطالية وأن هناك علاجاً نهائياً لأشرف لديهم. ماذا تقولي للرئيس المصري عبدالفتاح السيسي؟أقول له ليس معنى أننا نرغب في السفر إلى إيطاليا لعلاج ابني أننا لا نحب مصر، وهي بلدنا مهما كان، ولم نقل إنه لم يتم الاهتمام بنا، ولكننا نرغب في السفر من أجل الحصول على شفاء نهائي لابني، وأتمنى أن يتدخل لاستكمال سفرنا ومنع قرار المنع، من أجل علاج ابني، وليس لديّ إصرار أن يسافر ابني على حساب إيطاليا، ويا ريت يسافر للخارج ولو على حساب الحكومة المصرية من أجل استكمال علاجه.

يا سيادة الرئيس أنا أم أتألم لابني، وجاءتني فرصة أن يتخلص ابني من المرض والألم مدى الحياة، أي عاقل يرفض هذه الفرصة خليك مكاني.

الاهتمام الذي يحظى به أشرف الآن هل كان ليحدث دون سفر أحمد؟

طبعاً لا.. وهناك أطفال كثيرون في بلدنا وفي القرى المجاورة لها، مصابون بأمراض أصعب من المرض المصاب به أشرف، ويعانون هم وأهاليهم، ولا يجدون من يحنّ عليهم في ظل الظروف الصعبة التي يعيشونها، ولا يجدون العلاج بالمستوى المطلوب في مستشفيات الحكومة.

هل سيعود أحمد إلى مصر مرة أخرى؟

لن يعود وهو الآن يعيش في ظروف جيدة بعد أن تم إلحاقه بمدرسة في إيطاليا، بإشراف من الحكومة الإيطالية، ويكلمني كل يوم من هناك عن طريق تليفونات خاصة بالحكومة الإيطالية.

وماذا تقولين للحكومة الإيطالية ووزير الصحة الايطالية؟

أنا أشكر الشعب الإيطالي وحكومته وأطلب منهم الاهتمام بابني أحمد حتى أستطيع السفر إليه.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى