لماذا يتحول الاختلاف إلى: قاتل أو مقتول؟

لماذا يتحول الاختلاف إلى: قاتل أو مقتول؟
د. ذوقان عبيدات

قيل في الإشاعة إنها ناتجة عن نقص. وفي نظرية الجشتالت هناك خاصية اسمها “الإغلاق”، والإغلاق يعني أن الإنسان يميل إلى إكمال أي نقص في شكل ما، فيكمله من عنده، فإذا كانت الكلمة ناقصة حرفاً أكملها بحرف من عنده، وإذا كانت الجملة ناقصة كلمة، أكملها من عنده، وكذلك الخبر، إذا كان غامضاً أو مجهول المصدر، فإننا نكمله من عندنا. وغالباً ما يكون الإكمال أو التكميل غير دقيق، هذه خاصية علمية لا يلام أحد بها، ولا عليها.

ومن الإكمال الخاطئ ينطلق الانتشار، ويستسهل من أكمل خبراً أو رواية أن يوزعها وينشرها، خاصة إذا كانت البيئة ملائمة. فالناس أو بعضهم مثلاً يريدون إعادة الطلبة إلى مدارسهم، ولهم في ذلك أسبابهم، لعل في مقدمتها رفض بقاء أبنائهم وبناتهم خارج المدرسة، إذن البيئة مناسبة لنشر أي خبر في هذا المجال:

أمس تداول عاقلون جداً، تصريحاً غير معقول منسوباً ظلماً إلى وزير التربية يقولون فيه: الوزير يعد المجتمع بتطوير وإبداع وابتكارات هائلة من الطلبة الذين تعلموا عن بعد، وكما قلت على الرغم من أن المتداولين عاقلون جداً وعلى الرغم من أن التصريح غير عاقل جداً، لكن العاقلين تداولوه بثقة كاملة على أنه صحيح. ولم يسأل أحد نفسه: هل هذا معقول؟ طبعاً قبلوا الخير من أجل طابعه الفضائحي، ولأن فضيحة الخصم تسرهم!!

ولأن الفضيحة قد تؤدي إلى إلحاق الأذى النفسي والمادي والمنطقي والاجتماعي والعلمي بوزير يخالفهم رأياً! وخاصة بحرصه على حياة الأطفال.

طبعاً، ليست مسؤولية الوزير نفي الخبر، لأنه يتعرض يومياً إلى أخبار تغتال الشخصية، وأنا شخصياً أكثر من تعرض لمثل هذا الاغتيال!! وأعرف أنه ناتج عن حقد وجهل، ولذلك سارعت في البحث عن حقيقة التصريح لأكتشف بسهولة مدى خبثة وزيفه.

والمطلوب: الوضوح في قراراتنا، والضمير في أحكامنا، والتدقيق فيما نتداول.

ومرة أخرى، الإشاعة سريعة الانتشار بين الدهماء، لكن ما يحدث هذه الأيام إنها كذلك بين الصفوة. ووسائل التواصل جعلت مواجهتها أمرًا في غاية الصعوبة: ولا حل إلّا التفكير الناقد: القائم على التحليل وقراءة ما بين السطور ورفض أي خبر دون تمحيص فيه مهما كان مصدره موثوقاً!!

وأخيراً، ليس كل خبر يوافق رغباتي موثوقاً. وليس الاختلاف إما قاتل أو مقتول!!

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى