أخلاق يا أخلاق!!! / د . ناصر نايف البزور

أخلاق يا أخلاق!!!

كثيراً ما نعيب على الغرب و نقول: “هظول منحلّين أخلاقياً”!!! و هذا جهلٌ مُطبق و ظلمٌ مُغدق و خلطٌ بَيِّن و فاضح للمفاهيم… فنحن قد حصرنا تعريفنا للأخلاق بجزئية واحدة و هي “عِفّة الفرج”! فالعفّة ما هي إلاّ خصلة من مئات الخصال التي تُكوِّنُ المنظومة الأخلاقية لدى الشعوب… فعندما نتّهمهم جزافاً بأنّهم “مُنحلّين أخلاقياً” فنحن ننفي عنهم جميع الخصال الحميدة الأخرى التي يتمتّعون بها و يفوقوننا بها كمِّاً و نوعاً… 🙁
فالأمانة، و الصدق، و الوفاء، و الحب، و الإخلاص، و الصراحة، و النزاهة… و غيرها الكثير الكثير تكاد تغيب عن الكثير من مجتمعاتنا فيما يحرص عليها الغربيّون في معظم تفاصيل حياتهم اليومية…. 🙁
و هذا يضحد زعم القائلين بانحلال الغرب أخلاقياً جملةً و تفصيلاً؛ و هو خلاصة تجربة الشيخ محمّد عبده في فرنسا إذ قال: “ذهبت إلى فرنسا فوجدت إسلاماً بلا مسلمين؛ و عدتُ إلى بلدي فوجدت مسلمين بلا إسلام”!!! فنحن إذاً المُتحلّلون من الكثير من عناصر المنظومة الأخلاقية و ليس أهل الغرب 🙁
أذكر أنّني أردت أن أقوم بالتسجيل للفصل الدراسي الثاني عندما كنت طالباً جامعياً قبل عقود… و نصحني يومها بعض أصحابي بتسجيل مقرر في التخصص مع الدكتور (شخبوط)؛ و قالوا لي: “هذا الدكتور أخلاقه لا مثيل لها”!!! فقررتُ أن أحضر في إحدى محاضراته التي كان يقوم بتدريسها في الفصل الدراسي الأول قبل أن أقوم بالتسجيل…
دخل الدكتور شخبوط المحاضرة و كانت أسوأ محاضرة شهدتها في حياتي؛ لم يكن يتكلّم سوى ببضع كلمات بين الفينة و الأخرى و كانت نصفها بالعربية و نصفها بالإنجليزية… ؛ كان كثير الصمت فيما كان الطلاّب يعيثون فساداً في المحاضرة؛ الجميع يصرخ و يضحك و يتخاصم فيما يبتسم الدكتور شخبوط و لا يُحرّك ساكناً…يسأله بعض الطلبة؛ فيومئ بعينيه أو يتلفّظ ببعض الكلمات هو مطأطئ الرأس:
I don’t know… I am not sure…
فيما كان طالب “بلطجي” يُقاطع الجميع و يفرض رأيه بثقة على الدكتور و على الطلاّب و الدكتور شخبوط يبتسم ابتسامة الموت…. 🙁
سألت نفسي عندها: هل هذا هو مفهومنا للأخلاق…لا أدري…ابتسامة… صمت… استكانة… لامبالاة… كيف يمكن أن يوصف هذا الدكتور بأنّه صاحب “أخلاق لا مثيل لها… “!!!
هذه خيانة للأمانة… هذا ضعف للشخصية… هذه استكانة… هذه “همالة”… هذه “نياطة” و “سقاطة”!!! هذه ليست من مكارم الأخلاق… تلك الابتسامات علامة استسلام و ليست علامة دماثة… ذلك الصمت علامة خنوع و ليس علامة أناة و حكمة… ذلك الهدوء علامة ضعف و ليس علامة حلم… عرفت لاحقاً أنّ الدكتور شخبوط كان يُغدق على الطلاّب فيما يتعلّق العلامات “بالكريك” لذلك كان الكثير يعشقونه… و العشق ليس دلالة على حُسن الخلق… فكم من الملايين تعشق الساقطات و الراقصات الجاهلات لأسبابٍ تتنافى مع أبسط مكارم الأخلاق 🙁 🙁 🙁
يعني لا هيك الأخلاق لا بلاش 🙂 كفانا خلطاً و “خبصاً” للمفاهيم و لنعبّر عن الأمور بمسمّياتها الحقيقية….!!! و الله و اتلولحي يا دالية… 🙁

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى