الكيس الأسود / محمود الشمايلة

الكيس الأسود
ناولني والدي ثلاثة أكياس وطلب مني أن أعود بها الى البيت ، الكيس الأول بلون ابيض شفاف وفيه خبزا ، اما الثاني فهو شفاف ايضا وفيه بندورة أما الكيس الثالث فكان اسود قاتم ولم انتبه لما فيه .

غادرت السوق الى موقف باص الحي ، ركبت الباص في المقعد الذي يلي السائق والقيت الاكياس على الصندوق المجاور ،
كان الباص في انتظار المزيد من الركاب والسائق كان يبعثر الوقت بعينيه ولسانه ،
بادرني السائق قائلا : شو فيه الكيس الأسود ؟

تحسست الكيس بأصابعي ودون أن استطلع الأمر قلت : خيار.
لم يلتفت السائق لاجابتي وجال بعينيه وجوه الجالسين هنا.
صعدت الحاجة مريم الباص وهي ترطن وتتذمر من حركة السيارات وغلاء الاسعار والضغط والسكري وسوء تصرف صاحب محل الاحذية المستعمله الذي رفض ان يبيعها الحذاء بدينار ونصف .

وعندما وقع نظرها على الكيس الاسود توقفت عن مشاريعها الكلامية وبادرتني بالسؤال : ويش فيه الكيس الاسود يا ولد؟
قلت : كندرة جديدة من الباله.
الحمد لله ان السائق لم ينتبه لاجابتي الاولى عن سؤاله .
يدخل فلاح الى الباص ويجلس بجانب السائق ، يعلق طرف ثوبه بالمقعد ، يرطن قليلا وهو يسحبه ولم يخلو الامر من شتم المقعد والثوب وربما الكيس الاسود .

مقالات ذات صلة

يلقي الكثير من السلام ويدير رأسه الى الخلف ليتفقد عدد ركاب الباص ، ينظر الى الاكياس المتناثرة ثم يسألني : ويش فيه الكيس الأسود؟
قلت : لا ادري …. هذا الكيس للحاجة مريم .

استدار بوجهه الى الحاجة مريم ،ليسقط قلبي في جب الخجل ، بادرها بالسلام ، فانهالت عليه بالكثير من الحكايات حتى نسي أمر الكيس .
اختلس النظر الى الكيس الأسود محاولا استطلاع ما فيه ، ولكنه كان مربوط بشكل جيد ، اتسلل بأصابعي الى الكيس ولكن نظرات فلاح كانت كفيله بأن تردني عن ذلك .
ماذا يوجد في داخل الكيس الأسود ؟!
تشتعل مواقد فضولي ربما أكثر من فضول أهالي الحي مجتمعين ..
امرأة أخرى تصعد الباص وتفترش المقعد المجاور للصندوق ، تتصفح وجهي ثم تقع عينيها على الاكياس الثلاثة …
تسألني : هذول الاكياس الك يا ولد ؟
قلت : نعم .
صمتت المرأة ، وراحت تلقي بنظرها من نافدة الباص فيما كنت انتظر سؤالها ويش فيه الكيس الأسود ؟!
ولكنها لم تفعل.

يدخل رجل آخر وفي يده مجموعة من الاكياس السوداء ولا أحد يسأله عنها .
هي شبيهه تماما للكيس الذي أحمله ،،
تبا لسكان حارتنا كيف لهم أن يطرقوا أسئلتهم المدهشة ولا ينتظرون الاجابات ؟!

قذفني الباص امام البيت ، ناولت أمي الاكياس الثلاثة ودون اي اهتمام القتها على الطاولة الخشبيه دون أن تتفقد الكيس الأسود ،،،
بادرتها بالسؤال : يمه … ويش فيه الكيس الأسود ؟!
اثناء ذلك كانت أمي قد حملت سطل الماء استعداد لشطف البيت . نظرت الى الكيس من بعيد وسكبت الماء دفعة واحدة وراحت تسحب الماء نحو المصرف.
في الحقيقة
كانت أمي ماهرة في استخدام القشاطه.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى