بصراحة

بصراحة
د. هاشم غرايبه
الكل متفق على أن الخطوة الأولى لوقوف أمتنا على قدميها هي #الوحدة، والسؤال الذي يؤرق المخلصين: كيف يمكن ذلك في هذا الواقع الأليم؟
نبدأ بالدور الملقى على النسبة الأعظم من #المجتمع، وهم الذين ينتهجون #الإسلام عقيدة ومنهجا، عليهم أن يتفهموا أن النسبة المتبقية والتي لا تشاركهم قناعاتهم هي مكون أساس من المجتمع لا يجوز فصله أو تهميش دوره، وهي فئتان:
الأولى المسيحي العربي فهم جزء من الأمة تاريخيا وواقعا، ولا يمكنه مغادرة موقعه في الأمة، فعوامل ارتباطه بها أقوى بكثير مما يمكن أن يربطه مع أمة أوروبية مسيحية، فعقيدته الدينية لم تمس عبر العصور، ولم يُطلب منه تغييرها ولم يُضَمْ لاتّباعها، ما يعزز اطمئنانه أن المحيط المسلم يعتبر احترام معتقداته جزءا من عقيدته، التي يؤثم لو خالفها.
المؤكد أن التطرف والتعصب سمة شخصية وغير مرتبطة بدين محدد، لذلك فوجود هؤلاء ممكن في الطرفين، بل ان المتطرف المسلم لا يصل به تعصبه وضلاله الى إهانة نبي المسيحيين، فتجده يذكره بالتوقير والإحترام فلا يذكر إسم السيد المسيح إلا متبوعا بـ: عليه السلام، بالمقابل لا يبدي المتطرفون من المسيحيين أي احترام لنبي الأمة صلى الله عليه وسلم، بل ويبالغ المتعصبون كثيرا في الإساءة والتجريح الشخصي، ولا ينالون في ذلك التصرف لوما يتناسب مع فداحة جرمهم، بل يجدون تبريرا ممن في قلوبهم مرض بذريعة حرية الرأي.
إنطلاقا مما سبق لن تجد لمن يدّعي تعرضه للإضطهاد سندا، والأفعال المذمومة المنسوبة الى (الإرهابيين)، أصبح جليا أنها مصنوعة قصدا، ولو كان هؤلاء يمثلون الإسلام حقا،ً فلماذا تأخر ظهورهم الى أيامنا هذه؟، ومن لا يرى في الإسلام إلا أفعالهم، فهو ليس بريئا، بل هو جزء من مؤامرة التشويه تلك.

وأما الفئة الثانية فهي تضم معارضي الدولة الإسلامية، وهم صنفان:
الأول: مصابون بعاهة الإلحاد، وهؤلاء عقولهم مقفلة على مقولات خشبية، فلا ينفع معهم الإقناع، وهم لجهلهم بالدين يحيلون كل مشاكل المجتمع اليه، لكنهم قلة قليلة، لن ينفعنا خيرهم إن كان فيهم خير، ولن يضيرنا وجودهم إلا أذى.
والثاني منهم من ينتمون الى مذاهب إسلامية أخرى، أو مناهج فكرية يرونها بديلة.

ورفضهم لتطبيق منهج الإسلام ناجم عن ضلال وفهم خاطئ، ففرّقوا الدين اتّباعا للشعوبيين الذين ابتدعوا التشيع، فعليهم أن يعودوا الى القرآن الكريم ويبحثوا فيه، سيجدون قوله تعالى: “إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ” [الأنعام:159].
فليحذر هؤلاء أن يجدوا القرآن يوم القيامة حجة عليهم لا لهم.
وأما متبعو المناهج البديلة، فهم يرون في تطبيق الإسلام إضرارا بمصالحهم، سواء منها الربحية أو الانتخابية، فهم يخشون أن تطبيقه سيحد من أطماعهم المالية، أو تضاؤل فرصهم الانتخابية أمام (الإسلاميين)، لذلك يسعون لتفريغ الدين من محتواه السياسي (ممانعة الإسلام السياسي)، لإبعاده عن التأثير في الحياة العامة، وجعله مجرد ممارسات فردية للطقوس والشعائر.
ينبغي التنبه الى أن هذا الانقسام بين مكونات أمتنا ليس هو سبب المشكلة، فلا يوجد هنالك نقاء عرقي أو قومي أو عقيدي كامل في أية أمة، وليس بالضرورة تماثل كل مكونات الأمة لكي تتحقق وحدتها، بل الضروري انسجام كل الفئات وتفاهمها ضمن المبدأ الإنساني المرتكز على المساواة والعدالة والكرامة.
ونجاحها لا تكفيه حسن النوايا من الطرف الأعظم في الأمة وهو المكون الإسلامي، بل على الأقليتين الأخريين مسؤولية مشابهة، فكأس عصير صاف تفسده قطرة من قذى.
يجب أن يدرك المعارضون للإسلام أنه روح الأمة، فلا يتوهمن أحد أن لها حياة بدونه، ولا يحلمن أحد بالقضاء عليه استقواء بالقوى الكبرى فذلك مستحيل، فلم يخلقه الله مرحلة تاريخية وتزول، من آمن بوجود الله يجب أن يوقن بأن دينه باقٍ ما بقيت الدنيا، ومن لا يؤمن فليراجع عقله فسيجد أنه المنهج الأمثل للبشر.
لذلك فالمطلوب من المسلمين اتباع أمر الله بتحكيم شرعه، مطمئنين الى وعده: “وَلَن يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلا” [النساء:41] ولا يقعدنهم معاداة المتضررين من قيام دولة الإسلام من جديد، فالله ناصر من ينصره، وقد بشّر المؤمنين أن لا يهنوا ولا يحزنوا فهم الأعلون، إن ابتغوا رضوانه وليس رضى الكافرين: “الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن دِينِكُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ” [المائدة:3].

مقالات ذات صلة
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى