الرقمنة: بين “عن بعد” و”بِلا”

الرقمنة: بين “عن بعد” و”بِلا”
الدكتور ذوقان عبيدات

أشغلت شركة كوداك 145 ألف وظيفة في الوقت الذي أشغل الفيسبوك 5000 وظيفة وأنستغرام 13 وظيفة. كانت وظائف كوداك في غالبياتها للذكور الأصحاء، بينما صار بمقدور المرأة أو المعوقين أو كبار السن أو سكان الريف والبوادي العمل في بيئة مساحتها العالم. فالمعلومات والنقاشات صارت ممكنة دون الانتقال وصارت المهارات المعرفية المهمة هي القراءة والكتابة والحساب والتفكير الناقد والإبداعي والمنطق والاستقرار العاطفي، والتعلم الذاتي. كما أن القراءة والكتابة والحساب ستقل قيمتها كثيراً في العصر الرقمي القادم، وحينذاك فلن يضطر أحد إلى تعلمها. فالآلات تقرأ وتكتب وتحسب وحدها وبذلك سننتقل إلى ظاهرتين: “عن بعد”، و”بِلا”.

الظاهرة الأولى وهي “عن بعد”، وتشمل العمل عن بعد، والمؤتمر عن بعد، والإعلام عن بعد، والتعليم عن بعد، والطب عن بعد، والحفلات عن بعد والإدارة عن بعد، والعملة عن بعد، فالمكان لم يعد عائقاً، فبإمكان أي أحد أن يمارس هذه الأنشطة دون حضور أو قرب.

أما الظاهرة الثانية، فهي ظاهرة “بِلا” على رأي إبراهيم غرايبة، فالمعرفة والمهارة موجودة في الإنترنت والطابعة ثلاثية الأبعاد حيث سنشهد: مصانع بلا عمال، ومدارس بلا طلاب، وطلاباً بِلا معلم، وصحة بلا أطباء، وعمارة بلا مهندس، ومديرين بلا ياقات، وشركة بلا مقرات، ومؤسسات بلا مكاتب، وخريجًا بلا شهادة، أو شهادة بلا تصديق، وأممًا بلا دول، ومطاعم بلا طعام. فكل إنسان يعلم نفسه ويعمل بنفسه وينظم شؤونه بنفسه.

أما الإنتاج الإنساني، فوسيلته الإبداع والاختراع، والأهداف الجديدة للتعليم هي الإبداع، والمعلمون هم المبدعون، وسيكون للإنتاج غير المادي الأولوية: فنون، موسيقى، بحث، قيادة، تنظيم، قصة، شعر، تصميم.

والإبداع ينطلق من عدم اليقين، فاليقين ثبات، والإبداع حركة وحافز، وشكّ.

الإبداع ينطلق من الشكّ، فأجمل الأطفال لم يولد بعد، وأعذ​ب القصائد لم تكتب بعد!!

عودة إلى “عن بعد”، و”بِلا” فهي مستقبل قادم ليتنا نستعد له من الآن.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى