سفينة الطاقة تتجاهل النداءات / د. محمد الزعبي

سفينة الطاقة تتجاهل النداءات
د. محمد الزعبي

لقد ابتُليت الأمة بمجموعة من صناع القرار الذين أوردوها المهالك وباعوا انجازاتها وثرواتها بثمن بخس وأطلوا برؤوسهم الفارغة على مسارح حياتنا فأشبعونا ذلا” وتهريجا” حتى أصبحنا أضحوكة بين الأمم ينعتوننا حينا” بالغباء وحينا” أخر بالجهل والتخلف. كيف لا نكون كذلك والعراق الذي يطفوا على بحر من النفط يعيش المواطن فيه بدون كهرباء ولا ماء ، كيف لا نكون كذلك واللبناني يقضي ليله بمحطة الوقود ينتظر لترا” من البنزين، كيف لا نكون كذلك والأردني ينتظر حمى فاتورة الكهرباء والتسعيرة الشهرية لمشتقات النفط كما ينتظر المحتضر زيارة ملك الموت له.
لا أريد أن أفرغ في قربة هموم المواطن قطرة هم، فيكفيه ما فيه ولكني أريد أن أصرخ بأعلى صوتي في أذن المسئولين وصناع القرار في هذا البلد أن جدران البناء تتصدع وأن وقود القطار قد شارف على النفاد وأن برج الاتصال قد فقد الاتصال بالطائرة ولا زلتم تعدوننا بمسكن جميل فوق بناءٍ يتصدع ومناظرٍ خلابة من نوافذ القطار ووصول آمن للمطار.
ماذا يعني أن تنشر جريدة الرأي سخط لجنة الطاقة في مجلس النواب من التخبط والاستراتيجيات العمياء لصناع قرار الطاقة في الأردن، ماذا يعني أن تفشل جريدة الرأي في التواصل مع إدارة شركة الكهرباء الوطنية لتسأل عن صحة ما يتم تداولوه من “خازوق” جديد في أسعار الكهرباء، ماذا يعني أن يصرح مسئول في الطاقة (ويطلب عدم ذكر اسمه) من أن خسائرنا السنوية من الفقد الكهربائي تفوق ال 250 مليون دينار، ماذا يعني أن يتبجح زعماء الطاقة في بلدي في المؤتمرات والندوات العالمية أننا قطعنا شوطا” طويلا” في الطاقة المتجددة ويستلمون عليها الجوائز وهم يحاربونها في الداخل، ماذا يعني أن توزع وزيرتنا التغريدات والتصريحات بأنها ستزود فلسطين ولبنان والعراق والسعودية بل وأوروبا بالكهرباء الفائضة عن حاجتنا ونحن ندفع للشركات المولدة لها مبالغ باهضة ونرفض أن نخفضها على مواطننا فلسا واحدا”.
إن هؤلاء “السادة”، صناع قرار الطاقة، قد أداروا ظهورهم للناس، واستهبلوهم وطردوا المستثمرين ودمروا قطاع الصناعة وأهلكوا العباد والبلاد ووصل بهم الكِبر أن اعتبروا أنفسهم سادة لهذا القطاع، لا يجيد الحديث فيه إلا هم ولا يستطيع أحد أن يصلح ما أفسدوا إلا هم، يخططون وحدهم ويقررون وحدهم ولا يجوز لأحد أن يشاركهم في الرأي أو يشير عليهم، فهم العلماء الأفذاذ وما دونهم جهلاء.
أيها السادة، ليس لدينا مشكلة في الطاقة بل مشكلتنا في إدارتها، ليس لدينا مشكلة في تخفيض أسعارها إذا أعدنا طريقة احتسابها ونظام تعرفتها، ليس لدينا مشكلة في تقليل الفاقد منها إذا أعدنا حساباتنا في تصميمها وأعدنا طريقة التعامل مع المستهلكين وتم التعامل معهم بالحسنى، ليس لدينا مشكلة في استحداث وسائل جديدة لتوليدها إذا أطلقنا العقول للإبداع فيها، وأخيرا ليس لدينا مشكلة في استقرارية شبكتنا الكهربائية إذا أحسنا التوزيع الجغرافي لمحطات التوليد لدينا.
لذا كفانا تغريدات و”عرط” ومؤتمرات وندوات لعرض “إنجازاتنا” فنجاحنا يتحقق عندما يشعر المواطن بالرفاهية ويلمس انخفاض أسعار الطاقة في حياته اليومية. اللهم إني قد بلغت فهل من سامع يسمع!!!

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى