بزر بطيخ / ناجح الخطيب

بزر بطيخ
في أيامنا ، انا وأبناء جيلي، كان سلوكنا صديقاً للبيئة ، فقلما نتسبب بتلوّثها لا بدافع من الوعي البيئي لكن لحاجتنا الماسة لتلك الملوثات: فقشر البطيخ لم يكن به شبهة من لُب احمر اذ كنّا نجهز على (حِزّّ) البطيخ ونجور على القاعدة البيضاء حتى نقترب من القشرة الخضراء، وكنا نحب البطيخ كثيراً لا سيما اننا ابناء الجفاف والعطش ، وفي ظروف لم تعرف التبريد ولا الكهرباء ولا البحبوحة المائية كان البطيخ هو الردَّ على هذه النواقص.
ولا تنس ان ألوان البطيخ هي ذات ألوان العلم الأردني الحبيب : الأخضر يذكرنا بالسهول الخصبة، والابيض بنقاء السريرة
والأحمر بدمنا الفائر الذي خضّب ارضنا وعمّدها، والاسود-لون البذور- بالليل الطويل الذي نقضيه شتاءً ونحن نقزقز بذور البطيخ المحمّصة. نعم كان للبطيخ بذورسوداء او مرقطة كبيرة الحجم ، كنّا نجففها في غربال او منخل ثم نحمصها كما نحمص القهوة وندخر الكثير منها لمقاومة الضجر في الليالي البطيئة .
وفي هذا المضمار كان التفاوت جلياً في مهارة القزقزة او التفصيم او الفصفصة.
فالبعض يفشل في فصل القشرة عن اللب وآخرون ياكلون شيئاً من القشر مع اللب وغيرهم يستعينون بايديهم وأظافرهم
اما المحترفون فلهم طريقة فريدة يمكن شرح تسلسلها على النحو التالي:
يملأ احدهم قبضة يده اليسرى بالبزر ثم يمد ملقطاً مكوناً من سبابة اليد اليمنى وإبهامها ويلتقط حبة واحدة من اليد اليسرى ويقذفها باتجاه الفم الذي يفتح بمقدار وتاتي حبة البزر واقفة بين الفكين ثم بضغطة محسوبة على مفصلي البزرة تنفتح فيمد طرف اللسان ليشفط لُب البزرة
ويحوّله تحت الجانب الاخر من الفكين ليتولى طحنه وبنفس اللحظة ترسل نفخة من هواء الجوف لترمي القشرة خارجاً فتلاقيها بالاتجاه المعاكس بدرة متجهة نحو الفم وهكذا تمضي العملية بدقة متناهية وبدون اخطاء.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى