انتظار

انتظار
المحامي خلدون محمد الرواشدة

في تلك الشوارع الخلفية التي لا يدخلها سوى الثوار ، تلك الشوارع التي يتم فيها توزيع مناشير الحب السرية عن أعين حراس العشق وقراصنته ، جلس ينتظر موعده مع الانتظار ، متزينا بكل زينة وعطر ولهفة ، وهو على يقين بان انتظاره هذه المرة سيطول ، فقد أقاموا حواجزا على كل المعابر ، وشيدوا متاريسا للحب ، وحراس جسره متشددين في التفتيش والتدقيق ، وهو لا يملك جواز سفر أو تصريح مرور سقطوا منه في آخر مطاردة لعسس العواطف التي لا ترحم.

في تلك الشوارع المنسية ، الشوارع الجانبية ، والتي تملؤها رائحة الشوق الموجعة أو رائحة الفراق المنفرة ، الماطرة بدموع العاشقين ولهاث الخائفين ، وجد نفسه متورطا في مؤامرة الذكريات ، ويخوض حربا بالسلاح الأبيض مع الماضي حربا دنكشوتية لا منتصر فيها أحد سوى القدر .

في تلك الشوارع القريبة من بحر الهروب الأخير ، صار يبحث عن مركبا من تلك المراكب ، مراكب الحب التي تحمل المهاجرين غير الشرعيين في مراكب غير آمنة للهجرة ثم ترميهم في عرض البحر ، فعرض البحر أرحم من ضيق الانتظار الذي لن يأتي .

المحامي خلدون محمد الرواشدة
Khaldon00f@yahoo.com

مقالات ذات صلة

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى