في مجال العنجهية

في مجال العنجهية / #يوسف_غيشان

…. أما الأعداء أينما كانوا فإن لغتنا العربية تفش غلّـنا بهم، وتسمع لنا بتهزيئهم ومسح الأرض بهم، دون أن يستطيعوا رد المسبّة والشتيمة، فلغاتهم لا تسعفهم في هذا المجال. ولا شك أننا نستخدم الكثير من التشبيهات الضمنية ولغة السوف وأخواتها و (لا بد) وبنات عمها، حتى ننكد عليهم عيشتهم ونحرمهم من لذة فوزهم علينا واحتلال أراضينا وأسواقنا وعقولنا وأرواحنا دون أن نفعل شيئا.
لغة رائعة …. إذا احببت فإنك تستطيع ان تعبر عن حبك من (قلب ورب)، وإذا كرهت تستطيع أن تعبر عن كرهك من قلب ورب، وإذا رثيت احدا تستطيع ان تعبر عن تفجّعك ومدى حزنك من قلب ورب…. وكذلك يحصل إن هجوت أو مدحت أو تشببت او تعنجهت …. !!
قلنا للعنجهية والتفاخر ؟! لغتنا هي الاروع بلا منازع في هذا المجال خص نص. وأعجب كيف لا تستعيرها شعوب العالم في أقاصي المعمورة للتفاخر والتباهي وممارسة العجرفة وإظهار المنافس الحامضة المحمضة، إلا إذا كانوا لا يأبهون بالتفاخر كما نأبه نحن، وهذا عيب عليهم وليس علينا وفيهم وليس فينا.
طبعا لا ننسى للغة العربية فضل أن جعلتنا نملأ البحر سفينا في ذات الوقت الذي ندوخ فيه عندما ننظر في كباية الماء، كما أتاحت للرضيع العربي أن (تخرّ) له الجبابر ساجدينا…. ونحن أنظر الناس عودا وكمنجة وأفصح الناس لسانا ومخا ومخيخا ونخاعات…الخ الخ …الخ.
هي لغة كاملة مكملة، ونحن نجيد استغلالها واستنباط التعابير والصور البيانية والألفاظ البديعية التي (لا تخر منها الميّة) ولا شوربة الهيطلية …. ونبتكر كل فترة مجموعات من المصفوفات اللغوية التي تتناسب وطبيعة المرحلة وتعطينا القدرة الدائمة على تحقير الأعداء…. والأصدقاء إن أردنا.
لغتنا رائعة وعبقرية، لكننا نعاني معها من مشكلة واحدة وبسيطة…وهي أنها لغة مكتملة أكثر مما ينبغي، لدرجة أننا نستطيع أن نقول كل ما نريد قوله في الحب والحرب والسلم وفي جميع الأوضاع. بعدها نكتفي ولا نشعر بالحاجة إلى القيام بأي فعل حقيقي لدحر الأعداء، فنحن نشعر بأننا قد دحرناهم وهزمناهم في مجال اللغة ولا داعي للتنكيل بهم…. حرام.
وتلولحي يا دالية

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى