حكومة النساء الخفية! / د. ديمة طهبوب

حكومة النساء الخفية!

لا يعجبنا عدم وصول المرأة الى مناصب ووزارات سيادية، مع اقتناعنا بكفاءتها، وتظل أعيننا معلقة بالدفاع والسياسة الخارجيه والاقتصاد والاستثمار وما دونها نراه تجميلا مع أنه خطير جدا كونه يتخصص في العمل الاجتماعي والاغاثي والأسري وقوة هذه الميادين تستقر بها السلطات في رأس الهرم وتمهد للقوة والاحترام في الخارج.
أدرك الآخر في تعامله مع الحضارة العربية الاسلامية أن الحصانة الاجتماعية والاسرية بالدين والمستحسن من العادات والتقاليد ما زالت تحول دون الانهيار التام في المجتمعات العربية بالرغم من فقدانها عوامل النهضة والحضارة فالأسر ما زالت تربي أبناءها على القيم والمرأة هي عماد هذه المهمة وبغير تغيير هذه الحلقة واضعاف عوامل التميز والمرجعية في التربية والتنشئة والتشكيل الأسري لن تكتمل السيطرة التي خرجت من بلادنا عسكريا، وعادت بعولمة ثقافية تتخذ شكل المعاهدات والقوانين الدولية التي أصبحت سيفا مسلطا على رقاب الدول، وكلما قل وزن الدولة سياسيا وزادت حاجتها الى الدعم زاد التزامها بهذه الاتفاقيات، بغض النظر عن مناسبتها السياق المحلي الخاص بالدولة من عدمها!
بل كان التغير الأذكى او الأكثر دهاء بالأحرى هو توطين المطالبة بتطبيق هذه السياسات باستحداث منظمات محلية مدعومة تديرها نساء من بنات البلد حتى تقل المقاومة والخوف، ويمكن لبنات البلد أن يسوقن هذه المعاهدات الأممية، وكل ما يتعلق بها دون معارضة، أو توجس من نساء المجتمع ففي ظل المثالية التي نؤمن بها لا يمكن أن نقبل أن امرأة اردنية مسلمة تستبدل الذي خير من شريعة الهية بالذي هو أدنى من شرائع وضعية لم تنجح في استنفاذ الاسرة و النساء في دولها الأم! في ظل المثل و المبادىء و الوطنية التي نؤمن بها لا يمكن أن نتخيل ان نساء أردنيات يتعاونّ مع المنظمات الدولية لكتابة تقارير ظل تبين قصور وتقصير بلدهن في الالتزام بالمعاهدات الدولية لتصبح هذه التقارير ذات مصداقية في محاكمة التقصير والأمر بالاستمرار في حالة الرغبة باستمرار الدعم! يمسكنا المجتمع الدولي من اليد التي تؤلمنا، وهي الحاجة للدعم المادي، و يكون المساعد تقارير كُتبت بأيدي نساء أردنيات يدعين أنهن يحسنّ صنعا! أين ذهبت الوطنية التي تقضي بمساندة الوطن في المحافل الخارجية والسعي للاصلاح من الداخل فقط؟!
نعم يتغير شكل الوطن وقيمه عندما تتغير المرأة وأولوياتها وولاءاتها! تتغير قوة الوطن ومنعته عندما يتغير العنصر الأهم في بنائه، وهي المرأة التي تدير ظهرها لكل ما هو عربي ومسلم لفرض منظومة لا تراعي السياقات الخصوصية والمميزة للنساء وبدل ان تعمل على تغيير القناعات من الداخل وهذا الأدوم والأجدى تعلن ثورة وتخليا عن المحلية والوطنية فتغترب قضية المرأة والأسرة وتأخذ شكلا نسويا فقط وتستفز لها اعداء في الداخل قبل الخارج بدل أن تصبح قضية انسانية يتبناها المجتمع كافة عن وعي كأحد عوامل النهضة والتغيير!
هناك من يعملن في الخفاء ويا ليته كان عمل الاتقياء! إنه عمل يتسرب نقطة نقطة وسهما سهما ليستقر في قلب قوانينا ومناهجنا وثقافتنا!! ومن ظن أن النساء عاجزات عن الفعل تدميرا وتعميرا فليراجع التاريخ والحاضر!
كتب ادوارد ألبي مسرحيته الساخرة بعنوان «من يخاف من فيرجينا ولف؟» على غرار اغنية الاطفال «من يخاف من الذئب الكبير الشرير؟» في اشارة الى الكاتبة فرجنيا ولف التي تعتبر من رائدات الحركة النسوية بالرغم من أثرها المدمر على المرأة والأسرة كما يرى الكاتب.
التاريخ والحاضر يثبت أننا يجب أن نخاف ونحذر من كل فرجنيا وشاكلاتها تعمل في العلن او الظل ولو كان اسمها صفية أو هدى فكلهن في المرجعية سواء وأثرهن في صلب الحياة والحكم! وكما عمرت النساء الحضارات ساهمن أيضا في خرابها!

اظهر المزيد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى