زوجات أبو العبد / سهير جرادات

زوجات أبو العبد
سهير جرادات

كان (أبو العبد) يعيش حياة هانئة مع زوجته وأم أولاده (أم العبد) ، حيث جمعهما الحب والتقدير ، والاحترام المتبادل ، وكانت السعادة والقناعة والرضا الأساس الذي قام عليه منزل الزوجية ، وكان ثمرة هذه الحياة الطيبة ؛ أبناء وبنات في غاية الروعة يتصفون بالخلق الرفيع ، والوفاء والانتماء لوالديهما ولمنزلهم الذي كان مملكتهم الخاصة ، إلى أن ظهرت تلك الفتاة الجميلة التي حضرت برفقة والديها واخوتها وأعمامها وأخوالها زائرين إلى بيت (أبوالعبد) لمدة يومين فقط ، ثم يعودون جميعهم بعدها إلى منازلهم في المنطقة المجاورة .

انقضى اليومان ، ولم تعد تلك الجميلة ، ولا والداها ولا اخوتها ولا أقاربها إلى منازلهم القريبة جدا من منزل (أبوالعبد)، لانه عقد قرانه على الجميلة بمباركة ذويها والأقارب والشهود ، واحتلت الفتاة وأهلها وأقاربها أجزاء كبيرة من المنزل ، وأصبحت صاحبة حق به ، مثلها مثل (أم العبد)، فهي ” ضرتها ” حسب العرف الشعبي ، وأنجبت البنين والبنات ،وتاليا صارت تعرف باسم (أم عقاب) .

ظلت حياة (أبو العبد) هادئة مع زوجته الأصلية (أم العبد) ، والدخيلة أو الجديدة على العائلة (أم عقاب) ، بعد أن تفاهمت الزوجتان ، واتفقتا معا ، وطبقتا المثل الشعبي القائل ” مركب السلفات احتار ، ومركب الضراير سار ” ، ووصلت درجة التفاهم إلى أعلى المراتب ، واستشعر (أبو العبد) ، بالخطر جراء هذا التفاهم الفريد بين (الضراير) ، حيث اتفقت الزوجتان على حال أغضبت (أبو العبد) حال من التضامن ، وإعلان (الحرد) عليه من الطرفين ، ورفض استقباله، وعاد لا يجد مكانا يذهب إليه في حال أغضب أي زوجة.

بدأ (أبوالعبد) في البحث عن وسيلة لتدمير العلاقة الطيبة بين زوجتيه ، وعزم على إثارة الفتن ، ونشر الدسائس بينهما ، ونجح في ذلك ، بحيث أصبحت حياته تعج بالصراعات والنزاعات بين الزوجتين ، فكل واحدة تحاول استخدام قدراتها ودهائها للاستيلاء عل قلب (أبو العبد) وعقله ، وبالتأكيد الأهم من ذلك الظفر بجيبه وموارده، وتحول المنزل إلى ساحة للنزاع بين قوى (أم عقاب)، التي تحاول أن تحتل مكان (أم العبد) ، وبين (أم العبد) المدافعة بشراسة عن منزلها وزوجها، وانتقل الصراع الى الأبناء ، حيث تحول أبناء (أم العبد) إلى خصوم لاخوتهم أبناء (أم عقاب) ، وأبناء (أم عقاب) في عراك مستمر مع اخوتهم وضرة أمهم ، فكل يدافع عن حقوق أمه ، وبالتأكيد الحفاظ على والدهم ومصالحه وممتلكاته.

وعلى الرغم من الدمار والتخريب الذي يلحق ببعض أجزاء المنزل بين الفترة والأخرى ، والملاسنات التي لا تهدأ بين طرفي النزاع ، إلا أن (أبو العبد) سعيد بهذه الحياة ، ويسعى كلما هدأ الصراع بين أطراف النزاع المتمثل بـ (أم العبد) وأبنائها وأقاربها وأتباعها ، و(أم عقاب) وأبنائها وأقاربها وأتباعها ، الى اشعال فتيل الفتنة بينهما ، ليهنأ باله ، ويجد الزوجة التي تشعره بالدلال وتستقبله ، نكاية بالأخرى ، وبذلك يكون (أبو العبد) قد كسب المعركة ، وخسرت الضرتان .

وفي خضم انشغال زوجتي (أبو العبد) بالنزاعات الدائرة بينهما ،ومحاولة كل منهن الظفر بقلب الزوج وعقله وفكره ووقته ، كانت عيون (أبو العبد)،تتجه بالتفكير الى الضيفة الجديدة التي سكنت الحارة هي وأهلها وأقاربها في زيارة خاطفة واضطرارية ، محاولا استمالة قلبها بسرعة، وضمها إلى دفتر العائلة ، وفتح صفحة جديدة لها ، لتصبح الزوجة التي تحمل رقم ثلاثة ، وضرة لأم العبد وأم عقاب.

لا أعلم لماذا في هذا الوقت بالتحديد تذكرت قصة (أبو العبد) وصراع زوجاته ، إلا أنني أردت أن اشارككم إياها.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى