محاكمة الوعي / جروان المعاني

محاكمة الوعي

في كل برلمانات الدنيا يتلاسن النواب ويضربون بعضهم بالاحذية، وفي كل الدول هناك جرائم مجتمعية بشعة كأن يغتصب الاب ابنته او يقتل عائلته تحت تاثير المخدرات، وفي كل دول العالم تتعرض الكتل الحية من المفكرين والمعارضين لشيء من التضييق، وفي كل دول العالم تتعرض الحكومات للنقد على ادائها ويشتم العامة الشخصيات الاعتبارية ويتابعون اخبارهم الشخصية .
نعم يحدث كل ذلك واكثر، ودوما تكون الصحافة وكافة وسائل الاعلام بشقيها الرسمي والخاص وسيلة الوعي الاولى التي تظهر للناس الحقائق ليبنون عليها مواقفهم وتساعد الجماهير على التعبير فتتنبه الدولة وتغير مسار الاحداث حتى لا يثور الشارع وتسقط الحكومات.
والان تعالوا نحاكم وعينا كأردنيين اتجاه كل ما ذكر اعلاه، ولنسأل انفسنا لماذا لا تلقي الحكومة بالاً لموقف الشارع؟ الجواب ببساطة لأنها تستخف بالمشرع قبل الشارع، لانها حكومة مبنية على تسكيت وتكميم الافواه التي من الممكن ان تؤثر، ولكن لماذا تستخف الحكومة بالمشرعين؟ وببساطة اكثر لانها هي من جلبت اغلبيتهم وصنعت منهم ادوات طيعة تحركهم كما احجار الشطرنج عبر ادواتها المعروفة.
اليوم الجمعة ستنطلق في عمان مظاهرة يقال انها (كبرى) تهدف لاسقاط اتفاقية الغاز والاعتراض على رفع الاسعار ومطاردة الفقراء والاحرار، ولا شك ان وزير الداخلية الجديد قد اعد العدة مع مدراء الامن حول كيفية التعامل مع هذه المظاهرة، في حال ارتفع سقف النداءات والهتافات، وهنا يكون الوعي على الاغلب غائبا من الطرفين وستكون البداية بالملاسنات وربما يتم استخدام الهراوات والغازات المسيلة للدموع .
ما بين وعي الضمير ووعي العقل عند القوى الفاعلة يسكن مئات الالوف من الاتباع الذين ينتظرون خطابات بائعي الاحلام، وهناك عدد كبير ممن لا يدركون شيئا مما يحدث بل يكاد لا يعنيهم، وهم اغلبية عظمى منقسمين بين مؤيد للحكومة وينتظرون منها الحزم ضد المتظاهرين والقسم الثاني الذي لن يتحرك من امام التلفاز حتى لا يفوته المسلسل او المباراة التي يتابع.
وبعد خفوت نجم داعش في العراق وسوريا، وانهيار النفوذ الايراني بسوريا، وصعود نجم روسيا وتركيا واسرائيل يجلس عدد كبير من المتابعين امثالي وعدد اكبر من اصحاب الاقلام للكتابة والتحذير من خطوة امريكا بنقل سفارتها من تل ابيب للقدس، وربط كل ذلك بمجريات الحياة اليومية في مختلف البلدان، وينتشر الوعيد عبر وسائل الاتصال الجماهيري وبخطابات الزعماء وواقع الحال نقول لامريكا واسرائيل (اطمئنوا لن يحدث شيء ستمر وستكون كزوبعة في فنجان) وستكون هذه الخطوة الامريكية مقدمة لنقل الكعبة المشرفة الى قم .!
مع الحديث عن وعي الشارع الذي يسعى المشرع بكل قوة للقضاء عليه تذكروا ما حدث في مجلس النواب حيث قامت القيامة فوق رأس نائب تحدث بواقعية ولا اقول بضمير، وبنفس الوقت انظروا لردة فعل الجماهير عبر قنوات التواصل ثم تبعوا لخطابات ال( 107) نواب تحت القبة حيث ان اغلبيتهم اتسموا بقدراتهم الخطابية وكم مرة تحدثوا سياسة، او جاءوا على ذكر القدس؟ .
بسبب ذلك كله انتشرت الجريمة المجتمعية واعتدنا على الجرائم السياسية، وقبلنا بحقوق منقوصة جدا، فمتى يحين موعد الصحوة وننعتق من انتماءاتنا الضيقة ونتجه باتجاه الوعي وننتخب ولا نعود ننتحب.

اظهر المزيد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى