أخلاق الروبوت

أخلاق الروبوت / كامل النصيرات

منذ الصغر وحين كنّا صفحاتٍ بيضاء ؛ لم نكتب عليها ما نريد ؛ لم نرسم مخططنا المستقبلي بأنفسنا؛ لم نضع بأيدينا على صفحاتنا برنامجاً أو تطبيقاً لكلّ ما سيأتي.! بل تولّى ذلك الذين حولك قليلاً؛ والمدرسة قليلاً؛ والشارع قليلاً..فأصبحنا صفحاتٍ ضاع بياضها وتمّ ملؤها بالمطلوب أن نفعله..
تمّ تشكيل وعينا الزائف. أمدّونا بطريقة نطقنا. رسموا ردود أفعالنا على كلّ شيء ؛ حتى أنهم لم يغفلوا عن ردّنا على صباح الخير ومساء الخير؛ ولم يتركوا لنا مساحة بيضاء صغيرة لنملأها بكيفيّة الردّ على الرضا والغضب؛ لم يتركوا لنا خياراتٍ أو وضع علامة إكس أو صحّ أمام ما يفترضون أنه محسوم بنظرهم.
نحن مخلوقون كروبوتات مبرمجة سلفاً؛ وكي تصبح لعبة الحياة في الشرق مليئة بالأكشن والدهشة وعدم الشعور بملل المتابعة؛ جعلونا روبوتات مختلفة الطباع والأخلاق ولكنّ بلا خروج عن البرمجة الأساسيّة. فكلّ تصرّفاتك وردود أفعالك هي ضمن احتمالاتهم التي يريدونها.
نحن نحمل أخلاق الروبوت. تعبئة الروبوت. غضب الروبوت المعروف أن نهاية غضبه هي كبسة زرّ واحدة إمّا تعيد فرمتته أو تحيله إلى خردة..! نحمل في طيّات البرمجة شيئاً من التمرّد المطلوب ولكن بذات الوقت فايروسات التعطيل والشلل وتغيير الاتجاه موجودة مسبقاً.!
كل الذي ترونه يا سادة هو رودود أفعالنا التي لم تخرج عمّا هو مرسوم. كلّ أخلاقنا الشرقيّة تتحرّك بالريموت كنترول. حتى أكاد أجزم أن غرائزنا في الجوع والشبع ليس نحن من نتحكّم فيها بل من رسموا على صفحاتنا البيضاء تاريخ انتهائنا في أي مكان لا يخرج عن أماكن يعرفون أننا لا نصل لغيرها بل لن نصل لغيرها لأن الريموت هو الذي يحرّك الروبوت.
كلّنا في منظومة أخلاق الروبوت.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى