عودة المدارس.. سعداء ولكن! / شروق جعفر طومار

عودة المدارس.. سعداء ولكن!
شروق جعفر طومار

s_toumar@outlook.com

لا شيء كان بإمكانه أن يعيد الروح إلى حياتنا التي تحولت إلى ما هو أشبه بالموت بفعل جائحة كورونا وصفعاتها المتلاحقة، مثلما فعلت عودة الطلبة لمدارسهم مطلع هذا الأسبوع.
صحيح أن العودة التدريجية ستؤخر دوام بعض المراحل لمدة شهر كامل، إلا أن هذا التدرج فترض أن يشعرنا بأن الأمور هذه المرة استندت إلى شيء من التخطيط والترتيب على عكس ما تدار به عادة من عشوائية وارتجال في معظم الملفات منذ بداية الأزمة وخصوصا تلك المتعلقة بالتعليم. لكن حالة من التشاؤم وعدم الثقة، تسيطر على معظم المواطنين لتخوفهم من إغلاق المدارس بعد عودة لم تكد تبدأ.
نحن نعلم أن تطورات الحالة الوبائية هي الفيصل في ذلك، ونفهم أن هذه التطورات لا يمكن لأحد التنبؤ بها بشكل قاطع، لكننا في الوقت نفسه لا نلمس جهدا واضحا من وزارة التربية والتعليم ومن الحكومة لتبديد هذه المخاوف.
هناك بطء في عمليه التلقيح ضد الفيروس. ينبغي أن يتم الإسراع في تلقيح أكبر عدد من كبار السن وإعطاء أولوية قصوى لتطعيم المعلمين بدرجة مقاربة لتلك الممنوحة للعاملين في القطاع الصحي. بهذه الطريقة يمكن خلق بيئة صحية آمنة تزيد من فرصة الاستمرار في دوام المدارس.
من ناحية أخرى، من المستغرب جدا عدم إفصاح وزارة التربية والتعليم عن نسبة من اختاروا التعليم الوجاهي ونسبة من اختاروا التعليم عن بعد. فهل هذا التكتم سببه أن النسب تتضمن ما يمكن اعتباره مؤشرا على فشل التعليم عن بعد الذي لم يشهد بنجاحه إلا الوزارة!
بالمقابل، سارعت الوزارة للإعلان عن أن نسبة الحضور للدوام في اليوم المدرسي الأول لم تتجاوز النصف، فهل تريد أن توحي لنا بأن الأهالي متخوفين من إرسال أبنائهم إلى المدارس؟
اذا كان هذا بالفعل ما فكرت به الوزارة، فيمكننا أن نقول لها أن الفكرة لم تكن موفقة.. فنحن نعلم ومن تجربتنا في الفصل الماضي أن الأيام الأولى لا تتضمن دواما دراسيا فعليا وهي فقط لتسليم الكتب لا أكثر.
أما مسألة تسليم الكتب، فهذا وجه آخر لفشل الوزارة في الاستعداد الحقيقي للفصل الثاني خصوصا حين لا يملك طلبتنا ترفا في الوقت يمكن إضاعته فوق كل ما ضاع وما فقدوه جراء الظرف القاسي والإدارة غير الفعالة لإجراءات التعامل معه.
في هذه الجزئية بالذات لن أتحدث من مطلق كوني مراقبة للشأن التعليمي فقط، وإنما سأتحدث بحرقة قلب أم ترى إبنها متروكا وحيدا في البيت برفقة جهاز حاسوب مربوط بالإنترنت بكل ما ينطوي عليه ذلك من مخاطر ومفاسد.
وحيدا، بلا محتوى تعليمي لائق في ظل عدم إجراء أي تطوير على محتوى منصة “درسك” الجامد، البدائي، والمنفر. وبلا كتب لأن وزارة التربية قررت أن يكون تسليم كتب بعض الصفوف في المدارس الحكومية بعد مضي أسبوع كامل على بداية الدوام بينما كان الأجدر تسليمها قبل بداية الفصل. وبلا معلم في ظل منع المعلمين من التواصل مع طلبتهم دون أي مبرر عادل أو منطقي.
وأيضا بلا أم يمكن أن تساعده في تلمس الطريق لأننا قررنا أن تغلق المدارس دون الاكتراث لتنظيم بدائل لرعاية أبناء العاملات.
حين نتحدث عن غياب أمور بديهية وأساسية وعلى هذه الدرجة من البساطة، كيف يمكن لنا أن نطمئن على واقع ومستقبل أبنائنا وتعليمهم!

مقالات ذات صلة
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى