[review]
النص الاصلي
الثلاثاء 20-12-2011
في زمن ما ،كانت أكثر الكتيبات مبيعاً على الأرصفة تلك التي تقوم بتبسيط الأشياء الى حدّ "مسخرتها" .. مثل "تكلم الانجليزية بطلاقة في اسبوع" ،"تعلّم الألمانية بدون معلم" ، "مائة سؤال وجواب عن ليلة الزفاف" ، وأخيراً " كيف تصبح مليونيراً"..وكان اكثر ما يلفت انتباهي أن من يبيع هذه الكتب لا يعرف كلمة انجليزية واحدة ، ولم يقرأ حرفاً المانياً ، وما زال أعزباً ، وفوق ذلك يدل الناس كيف "يصبحوا مليونيرية " وهو عايف "التتن"..
اتذكر هذه الكتيبات ، كلما قرأت وتابعت حماس الناس والاعلام لتوقيف متورطين بقضايا فساد، لأن الأردن هو البلد الحصري والوحيد ..الذي تستطيع فيه ان تصبح مليونيراً حتى بدون شراء الكتيّبات ..فالمسألة سهلة جداً:
تعالوا نشرحها ؛ في أسوا الاحتمالات– من وجهة نظر المتورط بالفساد – لنفترض أن الاجراءات القانونية في جلبه وتوقيفه كانت سليمة 100% بدون ثغرات أو نواقص – وهذا شبه مستحيل- ولنفترض ايضاَ ان القضاء توفّرت لديه كل الأدلة الكافية لإدانة هذا المسؤول او رجل الأعمال –وهذا شبه مستحيل ايضا- وقد صدر حكم قطعي بحق المتهم يدينه في الفساد أو الاختلاس أو الرشوة ، ترى كم ستكون مدّة الحكم ؟؟ ان ضربها القرد، فهي لن تتجاوز الخمس سنوات !!.. بحسبة بسيطة ولا تحتاج الى تفكير طويل:
( فتحة عدّاد الفساد في الأردن) عشرة ملايين ديناراً فصاعداً.. "مزبوط"؟؟.. طيب !! عشرة ملايين تقسيم خمس سنوات ..كل سنة بمليوني دينار..ولأن سنة السجن تسعة شهور ..فلا بد ان نقسم 2 مليون على 9 شهور أي بمعدّل 222 ألف دينار دخل الفاسد الشهري..وفوق ذلك لا يصرف مليماً احمراً فهو "ماكل شارب نايم متعالج " على حساب الدولة التي سرقها..اليست هذه أقصر الطرق " ليصبح اياً منا مليونيراً"!!..الا تتقاطع عمليات احالة المتهمين الى الفساد مع طريقة عمل الكتيبات بأن كليهما يقوم بتبسيط الأشياء الى حد "مسخرتها"..
**
بصراحة، سيظل المواطن الأردني يشعر ان كل ما يحدث الآن من تحقيقات وتوقيفات هو مجرد مقاطع أو "بروموشون" من أفلام "الآكشن" لا أكثر ، وسيظل المواطن الأردني يشعر انه هو "السجين" والفاسد هو "الطليق" ما لم يتم وضع اليد على أموال كل المشتبه بهم دون استثناء ، كما فعل النائب العام في مصر..كما سيظل المواطن الأردني قلقاً حنقاً غضباناً محترقاً يقظاً..ما دام يسمع كل يوم عن ضربات استباقية ، من انسحاب فاسدين من شركات تدور حولها الشبهات وعمليات تنازل أراضي وأملاك من أشخاص متورطين بالفساد الى أشخاص مجهولين في محاولة لمخادعة القضاء والإفلات من قبضة العدالة..
***
صحيح أنه لا يوجد لدينا أي شك بنزاهة القضاء، لكن ما فائدة ان يكون القضاء نزيها اذا كان القانون "ادردْا"؟؟؟..
* الأدرد: الفم ساقط الاسنان
احمد حسن الزعبي
ahmedalzoubi@hotmail.com