هل بقي شيء لم ترفعه الحكومة …؟؟ / سلامة الدرعاوي

تصرفات هذه الحكومة غريبة ووتناقض حتى مع تصريحاتها وخطاباتها الاعلامية، ففي الوقت الذي تؤكد فيه أن الاقتصاد الوطني يسير بخطى ثابتة في الإصلاح الاقتصادي، تواصل الحكومة قراراتها الخاصة برفع الأسعار، مما يدلل على حاجتها المادية لتمويل نفقاتها المتزايدة.

بعد رفع سعر اسطوانة الغاز نصف دينار مرة واحدة، هاي هي الحكومة ترفع رسوم ترخيص السيارات بشكل كبير وصلت في بعض الفئات الى الضعف تقريبا، وهو قرار مفاجئ لم يفكر به أحد على الاطلاق سوى الحكومة التي تبحث دائما عن المال السريع لسد عجز الموازنة.

إذا كان الاقتصاد سليم ويسير بخطى مستقرة في الإصلاح المالي، فلماذا إذن تلجأ الحكومة لقرارات الرفع التي تثقل كاهل جيوب المواطنين الذين أنهكتهم قرارات الرفع على مختلف السلع والخدمات منذ سنوات طويلة، وهم لوحدهم من يدفع ثمن التقاعس الحكومي في معالجة المديونية والعجز.

منذ اليوم الأول لتولي حكومة النسور مهامها في الدوار الرابع، لم تتدخر وسعا في رفع كل ما يمكن رفعه من أسعار السلع والخدمات، فابتداء من ازالة الدعم الكامل عن المحروقات مرورا بزيادة تعرفة الكهرباء وفرض رسوم ضريبية اضافية على الاتصالات والتعدين والحديد والخردة والملابس والغاء الاعفاءات المختلفة كلها قرارات للأسف اتخذت ولكن دون جدوى اقتصادية، منها والمتمثل أساسا في معالجة نمو العجز في الميزانية الذي بقيت ارقامه المطلقة على ما هي عليه تقريبا دون تغير ملموس، على العكس تماما نمت مؤشرات الدين ووصلت الى 90 بالمائة من الناتج المحلي الاجمالي، وهو مؤشر خطير من الناحية الاقتصادية والاستثمارية، ودليل اخر على عدم جدوى القرارات الاقتصادية التي اتخذت في الاعوام القليلة الماضية.

مقالات ذات صلة

مشكلة الدين ليست مشكلة آنية كما يعتقد البعض، بل هي مشكلة خطيرة تمتد الى الاجيال المقبلة التي لا شك انها ستدفع ثمن التقاعس الحكومي في معالجة هذه الانتكاسة الاقتصادية لتي بدأت المؤسسات الدولية والدول المانحة بتغيير لهجتها تجاه الاصلاح الاقتصادي في المملكة وتحذر من ان المديونية باتت تشكل خطرا حقيقيا على امن واستقرار الاقتصاد الوطني بعد ان ناهزت ارقامها المطلقة 24 مليار دينار.

للأسف؛ لم توظف الحكومة ظاهرتين استثنائيتين كانتا بالامكان ان تعزز الاستقرار الحقيقي للاقتصاد الاردني، وهما انخفاض اسعار النفط العالمية باكثر من 60 بالمائة منذ عام ونصف العام تقريبا، وقضية تدفق المساعدات والمنح اللاستثنائية والتي حصلت عليه الخزينة ما ساهم بتمويل غالبية بنود النفقات الرأسمالية البالغة 1.24 مليار دينار دون اللجوء الى الاقتراض، فالحكومة اقترضت الكثير من الاموال مع مواصلتها رفع الاسعار في ظل تزايد المديونية والعجز الذي لولا المساعدات الاجنبية لدخل الاقتصاد لوطني في نفق مظلم.

بعد كل عمليات الرفع التي قامت بها حكومة النسور منذ ثلاثة أعوام ونصف العام، وفي ظل استمرار تباطؤ الاقتصاد وتراجع الايرادات المحلية، هل بقي شيء يمكن للحكومة الحالية ان ترفعه وتحصل منه على أموال سريعة لتلبية نفقاتها المتزايدة؟، وماذا تركت لأي حكومة مستقبلية أن تناور فيه بمجال السياسات المالية؟، للأسف هذه الحكومة لم تبق أي شيء للحكومة التي تعقبها.

salamah.darawi@gmail.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى