الصحفي خلدون عبدالسلام الحباشنه /” المملكه ” … السرد التقليدي، سقوط ذكاء التقنيات

بينما يقّطّع تجّار الكلام الحرام وجه الأردن ويشوهونه ، يتسلى معلبون مثل أمراء على شرفات المساحة الإعلامية الأردنية ؛ انتظارا لمن يصفق وينافق ،ادوات تعيش أزمة ” عبقرية الحواس الألف ” تؤسس لإحراق وطن بأكمله – رجال ونساء ينتقلون فجأة من الركن المهمل الى قلب الحدث – للمشاركة في إتلاف أعصاب شعب اورثته السياسات الحكومية المتعاقبة وهنا وافلاسا وغضب .
فضيحة نحاول تأطيرها ونشترك فيها جميعا ، منظومة المصالح المتشابكة القائمة على استغلال امكانات الدولة لخدمة الذات ومن حولها تتمكن ثانية لكن هذه المره جرى تجميل ” الواسطة و المحسوبية ” بشكل افضل لكنها حتما لن تكون رافعة او منصة لحمل المشروع السياسي الحضاري للهاشميين والاردنيين والذي يتحسر العرب في المشرق على خذلانه ذات يوم .
في النظم الليبرالية او السلطوية تدار الامور بقوة القانون لبناء المصداقية والثقة فس الاردن قوة جديدة هي ” قوة الذات ” التي ترسخ المصلحة و تفرخ مؤسسات لذوات والمريدين والاتباع على حساب وطن ينهش ابناؤه واعداؤه لحمه بذات الوحشية .
الاعلام مسؤول عن وصول الاردن الى الزاوية الحرجه وجوديا وسقوطه امام وسائل التواصل الاجتماعي حولها الى ميدان لاستهداف الاردن بعد ان ايقن ” طباخو السموم ” خطورتها وتأكدو من مراوحة الاعلام بين تجاهل كامل او رداءة كاملة فادارو الموقف لاسقاط كل قيمة اردنيه .
حساب واحد – خارج البلاد – قدم 69 بوستا في يومين طالت اركان الدولة مدنية وعسكرية تناقلها الاردنيون مسلمات وعد مطلقها بموافاة الاردنيين بالوثائق حال ورودها دون ان ترد حتى الان ، تراكم حّول البلاد الى “مؤسسة فساد ” في نظر الاردنيين والعالم مع ابقاء البلد تحت وابل من الاشاعات للاطاحة باخر لحظة ثقه ممكنه دون ان يتصدر الاعلام دوره .
اعلامنا الاردني بلا خصب وبلا زخم وبلا دهشة وتنوع و بلا اختراق للمألوف ورصد لما وراء الوراء وما هو اكثر عمقا من العمق ويعاني عجزا كاملا سببه سياسة التجاهل التي قتلت الجماليات الابداعية وخنقت الذات الوطنيه وتركتها مهزومة مستلبة ذاهبة قسرا الى اطروحات الاخر وتتحرك على ايقاعاته .
الرداءة والذاتية العربية انتجت ” الغيم الاسود ” وتجليات ثقافة الذبح بالسكين و الجثث والاشلاء بعد انسداد الافق السياسي والاقتصادي والاعلامي العربي المنصاع للاستبداد والاحتكار وصولا الى الاختناق الذي اجبر الناس على الخروج الى الشوارع ، هو ذاته يقابله الاعلام الاردني اليوم بالتجاهل او بالسرد .

الاستقصاء جنون والبحث بوليسية تقلق مدراء الاخبار ،لانها تقدم اجابات على اسئلة الناس و تعني مواجهة الفساد ، وكشف المستور وتوثيقه تمهيدا للعدالة والمسائلة التي هي اعمدة السلطة الرابعه التي اسقطها الفاسدون والمتنفعون واللامهنيون المتجولون بين هذه الاعمده ، علما ان الاردن يتفوق تشريعيا على الولايات المتحده وبريطانيا في حق حماية مصادر المعلومات واعتبره المشرع الاردني حقا مطلقا حتى امام القضاء لكننا لم نجد منذ عقود اداءا اعلاميا يرتقي الى هذا التفوق , قابلناه بانسحابية سلبية وخرقا مباشرا لاخلاقيات المهنة وبتغييب الحياد والنزاهة وتداخل الاعلاني بالاخباري واختراق الخصوصية واغتيال الشخصيات وتوزيع تهم الفساد لنقدم مبررا للانقظاظ على الاعلام الذي تحول لساحة صراع تذكي التمييز والعنصرية واغتيال الاخر في وطن هو الاكثر اخلاقية سياسية في الاقليم .
التلفزيون الاردني اخرج نفسه من دائرة التنافسية كمؤسسة وطنيه غير معنيه بالسبق والاردنيون يعيرونه بديناري الكهرباء التي لا تصله بل الى الخزينة وغالبية محافظات المملكه بلا مكاتب او تجهيزات وكاميرات وكافة المؤسسات الرسمية الاعلامية مثله تعاني محدودية الامكانات التي حولت الاعلاميين الى كتبة ” استدعاءات ” على ابواب الدوائر
الاجواء الميكانيكية هذه جعلت الرؤية الملكية للاعلام تستشرف حلما راود المحترفين بتطور نوعي تقني حتى اكتشفنا ” الخلوة مدفوعة الاجر ” لعدة سنوات لزملاء نحترمهم ، جعلتنا نمني النفس بفضاء اعلامي عالمي التوجه في ظل موازنة مهولة وخط تحريري مفتوح وتقنيات اعدت وفق معايير عالميه للعمل في بلد يعيش بين مشاريع سياسيه خطيره تمتلك ادوات اعلامية بالغة التأثير والحضور.
جرى التعيين ” بدعوات شخصيه سريه” بررت بتحاشي الضغوطات وجرى تحذير الكوادر للحفاظ على السرية والمدهش ان طلب التوظيف -لمن دعي – يحمل اسئله هي الاولى من نوعها في العالم على شاكلة هل هناك احد من عائلتك يعمل في المحطة ؟ ما هي نقاط ضعفك وقوتك ؟ ثم يقال لك ” احنا حبيناك وانت معنا ” وبدنا ننهي معك سريعا بس اعمل النا هالواجب وقدم افكار للعمل ”
تم تأمين الكادر من السوق المحلي ” جماعة شراء الخدمات ” المعينين اساسا بالواسطة في جملة مؤسسات الاعلام الاردني واردنيين من الخارج واخرين لا علاقة لهم بالاعلام وصولا الى توليفة طغى عليها حضور المعهد الاعلامي و صحيفة الغد في حصيلة نهائية 300 موظف.
انتظر الاردنيون ” المملكة الاعلامية ” بشغف لكنها سقطت مباشرة في السطحية اتكئت على شعار لغوي نحوي قواعدي بلا دلالات عميقه و خاليا من أي تداعيات لغوية او تعبير عن طموح ابداعي ثم الايحاء الجماهيري بمعرفة ” الطريق الى الدوار ” ثم الولوج الى حوارات برسم الاجترار والتقليد ولكن بوجوه جديده .
ضربت “المملكة ” بالاعراف الاعلامية عرض الحائط والتي تستدعي ان يقدم المتخفون من اشهر وليس سنوات مثل ما قدمه ” يسري فوده ” للجزيره عن تورط اعضاء في الحكومة البريطانية في قضية ” الجمره الخبيثه ” او ” بول كليبنيكوف ” عن الرشوة التي نخرت الاقتصاد الروسي او ما قدمته ” ان ماري كاستري ” عن الدم الملوث بفيروس نقص المناعة المكتسبة وعلاقة مسؤولين فرنسيين كبار بالقضية او جيرون سميث عن اسباب الازمة الاقتصادية العالمية وصراع البنوك واثره في الازمة المالية العالمية او حتى ما قدمه البلجيكي ” كريس دو ستوب ” وغيّر من خلاله قوانين العمل في اوروبا حول “الجنس وتجارة النساء ” امثله قدمتها قنوات بين يدي الاطلاق لتحقق الدهشة والجذب والفائده
” المملكه ” تجاهلت كل هذا رغم خصب الساحة المحلية والاقليمية بالمواضيع ولم تكلف نفسها حتى تقديم مادة واحده تثبت او تنفي حالة تستولي على اهتمام الجمهور.
اتذكر ما قاله لي مسؤول في ” المملكه ” نحن لسنا التلفزيون الاردني ” وبتهكم وفوقيه ” نحن لا سقف لنا… ومهمتنا اعداد جيل اعلامي اردني مختلف تماما ” وما قاله اخر ” مصلحتك معي … وليس مع أي احد اخر ” في دلالة على طبيعة التعيين .
التخلى عن الخجل في مواجهة اداء القناة الوليدة مهم كونها لم تضع يدها على مناطق اعلامية جديده ولم تعرف الطريق الى ” عش الدبابير ” ولم تواجه مشكلاتنا النوعية في بلد مليء بصحفيين يتوقون لاثبات ذواتهم و قيادة سياسية تبادر وتطلب اداءا يرتقي الى مستوى المرحلة فما قدمته الاوراق النقاشية الملكية يوفر كنزا استقصائيا ، فاين كان تركيز الزملاء ؟
اكثر من 500 موقع اخباري الكتروني و33 قناة تلفزيونيه و 39 راديو واكثر من 800 مطبوعه متخصصة – اغلبها عالة على الاعلام الرسمي – المعروف منها بعدد اصابع اليدين وتستغل بعضها مناخ الحرية لادارة الفوضى لا تحتاج ان نزيدها فمن هو المسؤول عن تخريب رؤيا الملك بهذه الصورة .
التنافسية والتكافوء همشت لصالح انتقائية ذاتية مشوبة بالكذب حولت المعينين بالواسطة والزوائد الاعلامية الى ” هيئة اعلامية مستقلة خاصة جديدة ” تضاف الى هيئات تشكل مادة نقد للاردنيين في حين انها لم تتجاوز كونها فرعا لتلفزيون الاردني على دوار الشعب ولكن بدورة برامجية جديدة وحيوية واضحة نسفت معيار العدالة بامتيازات كبيره كان يجب ان تجعلهم قوة اعلامية تتفوق على اعلام الاقليم بطرح عالمي لكن لم يختلف الاداء عن أي وسيلة اعلام اردنية رسمية او خاصه بل ان التقنيات كشفت عن خطاب نظري مرتهن للغه على حساب المعلومات والجهد والتفرغ وهو ما خذل الاردنيين الولوعين بالبحث عن الحقيقه .
الغارديان اغلقت عندما اخطأت بعد فضيحة التنصت ،الواشنطن بوست تدرب المحترفين والنيويورك تايمز تحارب الانحياز وغيرها تضع الثقافة القانونية والتعبئة الفكرية اساسيات مهنية بينما لا زلنا نرزح تحت نير ثقافة اعلامية شفهية محكومة بالنشوة والاعجاب والسرد على حساب الارقام والحقائق وليدة الحصرية والمتاعب مع استمرار السطو على جهود الاخرين
اعلام الاستقطاب والتحشيد يقابل اعلام التفاهة والرداءة ومتأخرين نعي ان الاعلام التقليدي انتهى وان الاعلام الاخباري هو اعلام التقنيات الحره والاستقصاء والكفاءة و القيمة وكما يقول نقيب الصحفيين الاردنيين راكان السعايده في تساؤول مفتوح ” لماذا الوعاء الوطني لا ينتج افكارا ابداعية تعبر عن الهوية ؟ وهل العقم يلجئنا الى الاستنساخ والتقليد شكلا ومضمونا مع بعض التجميل ؟
الاجابة سهلة الحكومات العربية ترى في تمكين الناس من المعلومات خطرا عليها لهذا تستخدم الصحفي والاعلامي اداة لتحقيق اهدافها فيتقولب بينما نحن في الاردن نختلف اذ تتقدمنا الرؤية الملكية وتوفر كل الامكانات لكننا نتقولب وندخل صراعات الذوات ونلقي باللوم على ” اللي فوق ” او “اللي تحت ” دون جهد خارج نطاق القيافة والهندام واللغه والمسميات الكبيره وينسى اعلاميو التجربة العربية انهم منتج اردني قدمته للعالم مؤسسات الاعلام الاردني الرسمي ويحاولون تطبيق ما عاشوه بفوقية واستعلاء متجاهلين ان بيئة العمل الاعلامي في الخارجي تحررت من عقدة الانا والذات لصالح قيمة عليا توظف طاقات الجميع .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى