التنمر عند الاطفال،،، بين البيئة المحفزه على العنف وبين غياب او تعطل المؤسسات المعنية عن القيام بدورها،،، المدرسة نموذجاً.

التنمر عند الاطفال،،، بين البيئة المحفزه على العنف وبين غياب او تعطل المؤسسات المعنية عن القيام بدورها،،، المدرسة نموذجاً.
بقلم: المحامي جمال حسين جيت

تحول المجتمع الاردني “بكل اسف” الى بيئه خصبه ومحفزه للعنف ويظهر فيها اطفالنا كـ متنمرين او كـ مُعَنفيِّن هم الحلقة الاضعف في دائرة العنف السائدة، كما ان المنحى الذي يتجه اليه العالم بالعموم من خلال التقدم التكنولوجي والذي وجد اطفالنا انفسهم رهينين له (سواء من خلال اجهزة الكمبيوتر اللوحي ” I pad , Tablets ” التي اصبحت تستخدم في التعلم او اللعب او شاشات التلفاز وما تبث من برامج تشجع على العنف سواء اخبار واحداث او حتى الكثير من البرامج المخصصة للاطفال) قد زاد من اغراق اطفالنا في دوامة العنف واصبحت ميولهم تتجه نحو الانعزال والتوحد على حساب الاستقلالية الشخصية والتفاعل الاجتماعي الايجابي، وهذا جعلهم “للاسف” وقودا لكل ما يصيب العالم من تحولات سواء نحو التقدم في العلم المتطور بسرعة او نحو الهاوية من خلال الاقتتال والذبح في العالم الثالث، وهذا يجعلنا لا نبالغ اذا قلنا ان الاطفال تحولوا الى براميل قابله للاشتعال او الانفجار في اي احتكاك معرضين له، وممكن ان نلحظه هذا من خلال تعبيرات اطفالنا اللفضية او سلوكهم حتى في الاوضاع الطبيعيه خلال “اللعب او التعلم” مثلا او خلال اي احتكاك مع اخوانهم او اقرانهم او حتى والديهم او اتجاه المجتمع بشكل عام .
في الاردن ما يزيد الامر تعقيدا هو غياب المؤسسات او تعطلها عن القيام بأدوارها التي كان وجودها ممكن ان يخفف من حدة هذه التحولات او هذا الواقع ومن اثاره على الاطفال، سواء من باب تفريغ الطاقات الكامنه والزائده والتي اعتادوا ان يعبروا عنها بعنف او من باب تنمية قدراتهم واكسابهم المهارات الحياتية و الذهنية والنفسية التي من شأنها ان تساعدهم ان يكونوا فاعلين في هذا المجتمع وقادرين على التكيف مع سرعة هذه التحولات.
لعل ما اطلقه وزير التربيه والتعليم الدكتور عمر الرزار “على اثر حادثة التنمر اتجاه احد الاطفال في اهم المدارس الخاصة في الاردن” من تصور عن رؤيته للمدرسه في العام القادم هو خير دليل على تعطل اهم المؤسسات التي تعد الاطفال وتجهزهم للدخول في سباق المستقبل وكيف سيكون عليه وجه الاردن الذين سيتولون قيادته بعد حين؟!؟!
يقول الدكتور الرزاز : “ان 20 بالمئة من وقت الدوام المدرسي سيخصص لحصص النشاط التي ستتضمن آداب التعامل مع الآخر واحترامه، وآداب الحوار، وتنمية الفضول الفكري، ومبادئ العمل مع الفريق، وستتضمن أيضًا الألعاب الرياضية والفنون، والعمل الكشفي والتطوعي، والمهارات الحياتية المختلفة، هذا بالإضافة إلى استثمار ساعات ما بعد الدوام في برامج تقوية وبرامج لصقل المواهب والمهارات، واستثمار العطلة الصيفية لتنفيذ برامج متكاملة تنمي الشخصية، وتعزز الهوية الوطنية والانتماء؛ بحيث تخرج المدرسة عن دورها التقليدي الضيق إلى دور تطويري تنويري واسع”.
هذا هو دور المدرسة الحكومية التي تخرجنا منها، قد يتذكر هذا ابناء جيلي ومن هم اكبر بشكل اكيد؛ حصة النشاط الاسبوعية وحصة الرياضه وحصة الفن وحصة الموسيقى وحصة المهني ” اعمال الخياطة و التطريز فنون الطهي والتدبير المنزلي ، تعلمنا تقليم الشجر، وعمل فارة الخشب، ومبادئ الحداده،،،، المكتبة، اوائل المطالعين، المرسم، الكشافة “مخيمات كشفية، عرفاء الطلائع”، المختبرات العلمية، الاذاعة المدرسية، الفرق الرياضية المتنوعة كرة قدم والسلة والطائرة واليد و سباق الضاحية وتنس الطاولة،،،،، يوم النشاط السنوي الذي يعرض فيها الطلاب انشطتهم المختلفة التي اعدوها على مدار السنة من خلال المعرض الذي يقام في المدرسة وتعرض المسرحيات والاغاني والمسابقات الرياضية هذا اليوم التفاعلي بين المدرسة والمجتمع المحلي.
العطلة الصيفية تتحول فيها المدرسة لمنارة يتفاعل فيها الطلاب من خلال المشاركة بالاندية الصيفية حسب هواياتهم ورغباتهم، فيدركوا ان المدرسة ليس فقط هذا المكان الذي يذهبوا اليه مكرهين لتلقي العلوم فقط وتحصيل علامات تمكنهم من تحقيق رغبات واحلام اهلهم بل هو مكان يعبروا فيه عن مشاعرهم وانفعالاتهم ويلبي لهم احتياجاتهم وينمي مواهبهم، المدرسة كانت منارة تفاعل مع المحيط يشارك الطلاب في اعمال تطوعية لتنظيف الحي والطرقات ودهان الاطاريف وقطاف الزيتون في المواسم الزراعية.
هل هذه دعوة للرجوع للماضي وتطبيق ما كان سائد سابقا ؟
لا شك ان التطور الذي طرأ على النظريات التربوية والتعليمية وعلى ادوار العناصر الرئيسية التي تقوم عليها هذه المؤسسات التعليمية “الطالب و المعلم والمنهاج او المحتوى والادارة” وعلى الادوار المناطه بهذه المؤسسات ككل، قد شكل تحولا ايجابيا على مخرجات العملية التربوية والتعليمية في الدول التي اخذت بهذه النظريات.
فقد اصبح الطالب هو محور العملية التعليمية، والمعلم اخذ دور الميسر، واصبح الاسلوب التفاعلي بديل للتلقين، والمحتوى يرتكز على اتفاقية حقوق الطفل وتشكل المصلحى الفضلى للطفل اساس له في الادارة، والمحتوى ويهدف لتنمية اتجاهات التفكير واكسابه مهارات التفكير الابداعي و حل المشكلات، وخلق بيئة تعليمية امنه و جاذبة تسهم في تنمية قدراته الذهنية وتلبي له احتياجاته النفسية ويعبر فيها عن مشاعره وانفعالاته بأمان.
هذا هو ما نسعى اليه، نريد ان تكون المدارس منارات لتعلم واكتساب المهارات الحياتية وان يتمتع اطفالنا بسلوك توكيدي سليم يحميه من تنمر اقرانه او المجتمع .
* مدرب مهارات حياتية.
* اخصائي مساحات صديقة للاطفال.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى