الزراعة إلى أين ! / م. عبدالكريم ابو زنيمه

الزراعة إلى أين !
قبل فترة وتحديداَ في 20 حزيران وخلال جلسة حوارية عقدت في مدينة السلط صرّح معالي وزير الزراعة تصريحاً إعلامياً يصعب فهمه وتفسيره وحتى تسويقه قال فيه ” ان ما تم تحقيقه في السنوات الأخيرة عجزت عنه دول ذات إمكانيات عالية ! ” ، هذه التصريحات والإنجازات الإعلامية الوهمية لمسؤولينا اعتدنا عليها ولا ننظر إليها إلا من باب التندر والفكاهة ، وللتذكير بمثل هذه الفقاعات الإعلامية فقد صرّح رئيس وزراء سابق وبشكل المتحدي أن الأردن سيخرج من عنق الزجاجة مع منتصف عام 2019 !- فهل خرجنا ؟!!! ووزير عمل سابق ابتدع لنا ما سمي آنذاك بمهرجانات التشغيل وأنفق عليها مئآت الألوف من أموال الأردنيين وصاحب تلك الفترة مهرجانات إعلامية غير مسبوقة تم تشغيل آلاف الأردنيين خلالها حتى تجاوز عدد المشتغلين عشرات الآلاف- وعندما ذاب الثلج وبان المرج تبين أن عدد الذين تم تشغيلهم لم يتجاوز 100 شخص حسب معلومات الضمان الإجتماعي !!! فالواقع المرير الذي نعيشه والانهيارات في كافة القطاعات وخاصة في قطاع الزراعة المنكوب خير مجيب على تصريح معاليه ، فقطاع الزراعة ولأسباب داخلية وخارجية مني بخسائر متلاحقة خلال عدة سنوات ولا زال يترنح تحت مأسآة فائض الانتاج ومحدودية الصادرات الزراعية للخارج مع انعدام وجود وسائط شحن لدول الغرب والشرق مما أدى إلى أنهيار القطاع وتفاقم مديونية المزارعين وعجزهم عن الوفاء بالتزاماتهم المالية تجاه الشركات الزراعية والجهات التمويلية الممولة لهم حتى أصبح الغالبية العظمى منهم مطلوبين للقضاء.
أمام هذه التحديات والعقبات لم نلمس من الحكومة ممثلة بوزارة الزراعة أية إجراءات لحلها والتصدي لها سوى ما نسمعه من تصريحات إعلامية وهمية لا تغني ولا تفيد!وحالها هذا حال كل الوزارت والمؤسسات الاخرى ، فالحكومات المتعاقبة وعلى مدار عقود من الزمن رضخت لإملاءات وسياسات واشتراطات صندوق النقد الدولي والدول المانحة مع غياب كامل لسياسات إقتصادية وطنية مع ما صاحب نفس الحقبة من استشراء للفساد وتوريث المناصب وغياب المراقبة والمحاسبة وتزوير للانتخابات لبروز أزمة اقتصادية وسياسية خانقة نعيشها اليوم بكافة مظاهرها وتجلياتها في كافة القطاعات وخاصة الإنتاجية منها كالزراعة والصناعة – فأين هي الإنجازات التي أشار اليها معاليه ؟! إلا إذا كان معاليه يقصد التدخل السلبي لوزارته بوقف تصدير المنتوجات الزراعية التي ترتفع أسعارها في السوق المحلي بين فترة وآخرى ومنح تصاريح استيراد لبعض التجار لاستيراد ذات المنتوجات بنفس الفترة مما يؤدي إلى انهيار أسعارها ومضاعفة خسائر المزارعين ! أم أنه قد تم القضاء على سوسة النخيل التي تصول وتجول في مزارع النخيل !
معالي الوزير- القطاع الوطني المنتج الوحيد هو الزراعة ويعتاش عليه مئات الآلاف من الاردنيين وهو أكبر قطاع حاضن للباحثين عن عمل ، هذا القطاع يحتاج منكم إلى افعال لا أقوال ، فقبل سنوات جرى الحديث عن إنشاء مطار شحن زراعي ، فأمام هذا الواقع الجيوسياسي الأقليمي والنكبات السنوية للمزارعين فأن الأمر يتطلب منكم العمل بكل جدية لإحياء وتنفيذ هذا المشروع الحيوي كمشروع استراتيجي وبالشراكة مع القطاع الخاص مع العمل الجاد لفتح أسواق خارجية في الدول الغربية والشرقية وإعفاء الصادرات الزراعية من أي كلف أضافية وتوجيه المزارعين لتنويع زراعاتهم حسب متطلبات وأذواق المستهلكين في الخارج ،إضافة لذلك فانه قد آن الآوان لتتدخل وزارتكم بشكل مباشر كخطة طواريء “فريق طواريء من الخبراء الممتهنين للزراعة” للسيطرة على تنظيم هذا القطاع والتحكم بكمية ونوع المزروعات للحد من فائض الإنتاج والخسائر المتوقعة لهذا العام والأعوام المقبلة ، كذلك التدخل مع الجهات ذات العلاقة لمراقبة وضبط أسعار الخضار في الأسواق الشعبية والبسطات والمولات لتشجيع الاستهلاك المحلي اذ لا يعقل أن يبيع المزارع عبوة البندورة سعة 12 كغم بسعر 70 قرشا في الحسبة ويباع الكغم الواحد للبندورة للمستهلك ب 79 قرشا ! والعمل على تطوير قانون اتحاد المزارعين على أسس ومعايير مهنية تمكنه من أداء مهامه ليصبح المظلة التنظيمية والتسويقية والإرشادية للقطاع الزراعي مع إعادة تشكيل المجلس الزراعي الأعلى على أسس المعرفة والخبرة والكفاءة .
انا على يقين بأن الشعب الأردني سيصفق لكل مسؤول يطل علينا ويصارحنا بحقيقة أوضاعنا ويضعنا بكل مصداقية بكل التحديات والعقبات التي تواجهه في أداء مهامه وفشله في تحقيقها ، أما أن نختلق من الفشل والعجز أوهاماً وخرافات إنجازية فهذا ما لا نقبله ولن نحترم قائله .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى