حيدر والتروكولر / علي شريف

حيدر والتروكولر

في اغلب الاحيان لا ينفك هاتفي عن الرنين وبصراحة انا لا اعرف لماذا هل هي محبة زائدة؟ انا اشك بذلك؟ ام لاني اعمل في المجال الصحفي وهو الارجح؟ ورغم ذلك اقوم بالرد ان كنت منتبها للهاتف فان لم انتبه اعيد الاتصال انا واستثني الذي وقع عليه حظر مني .
اكثر ما يقلقني هو ان يتصل معي احد الاشخاص ويقول لي استاذ علي كيفك فالقلق يزداد عند كلمة استاذ لان خلفها في غالب الاحيان فاصل طويل من الشتم والردح والتهديد على خلفية نشر خبر او موضوع ضرب البعض بالصميم ولم يروق نشره لهم وربما في بعض الاحيان يكون الاتصال للمراجعة عند جهة ما على خلفية قضية ما في امر ما اشتكى بها شخص ما لان اسمه ظهر في خبر ما اخر السطر.
والمصيبة الاكبر حين ياتيني الرنين من رقم غريب حيث يظهره التروكولر بانه من جهة هامة هنا يمر شريط حياتي امامي وابدا ا اتذكر التفاصيل منذ ان زلطتني امي الى وقت الرنين والشيء الوحيد الذي لا يمكن ان اتذكره هو الحبل السري حين كنت متكئا وسائد الرحم فانا هنا لم تسعفني الذاكرة لاني اكون مشغولا بمصمصة وجبة العشاء .
واقسم بالله اني في ذات ليلة جائني رقم غريب فتذكرت يوم طهوري وكيف شنكلني المطهر صاحب الغترة البيضاءوكيف تم تثبيت رجلاي مثل الصوص وبدا يقصص الزوائد اللحمية ويهذب الاطراف وكانه يقوم بتسريح شعر العريس او عملية نحت ولا اعرف لماذا بقيت الصورة عالقة بذهني للان.
في هذا الاتصال تحديدا وفي موعده المتاخر ليلا بسملت وحوقلت واضطرب السكري عندي وبلغ الضغط مستوى قياسي لا انا عارف هو طالع او نازل منذ ان كشف التروكولر عن الجهة التي اتصلت.
وصرت لا اعرف يميني من شمالي وتلبدت وترددت وارتجفت واصبحت مثل العصفور الواقع تحت دلف الشتاء حتى اني صرت اشعل السيجارة واطفيها قبل ان اضغط على زر الرد ،ارد ،ام لا ارد.
وانا ابحلق بالاسم على الهاتف ابلع ريقي مرة ومرة يبلعني و كان القرار ان لا ارد ولكن هذه المرة قررت شرب حليب السباع والضباع وكل انواع الوحوش الضارية وفردت عضلاتي التي اصبحت بليونتها مثل الملوخية
وبسملت وحوقلت وتوجهت بالدعاء الى رب العباد “رب اشرح لي صدري ويسر لي امري واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي”اللهم يا رب اكفيني شر اللايذات ” يا رب استرها معاي يا الله” ولم يبقى دعاء ضيق وامل ورجاء وفرج الا استحضرته في ربع ساعة وانقلبت فاصبحت الطنطاوي والشعراوي مع بعضهما وزادت عندي الحوقلة والبسملة والاستغفار حتى شعرت ان لحيتي وصلت في تلك اللحظة الى الصرة ولكني لم اك صاحب قرار في تلك اللحظة فلم ارد.
عاد الاتصال مرة اخرى ذات الرقم ولعين الحرسة التروكولر يعطيني نفس الاسم الذي كلما ظهر امام عيوني بلغ قلبي حنجرتي واصبحت دقاته مثل صوت القلاب الذي يكفت حمولة الحجارة على الاسفلت حتى اني شعرت بقلبي يخرج من بين اضلعي مثل قلب زيتونة حين يخفق لبوباي رايح جاي فلعنت الساعة التي عملت بها بالصحافة فانا لا ذنب لي الا هي وابديت الندم وتمنيت لحظتها لو كنت اخرسا وابكما ومشلول الاصابع واستجمعت قواي وقمت بالرد فكان الحوار التالي:
انا وبكل وقار واحترام وادب وخشوع وتواضع ويصوت متهدج مسترسل انيق وادع هاديء : السلام عليكم ورحمة الله تفضل اخي الكريم
المتصل : مرحبا علوش كيفك شو اخبارك ” قلت في نفسي شو علوش وشو القصة وشو هالغزل العذري تالي الليل وش هالليلة السودة هاي
انا : الحمد لله وقلت وانا اذوب وطنية : ربنا يديم علينا نعمة الامن والامان وطول ما انتو بخيريا سيدي احنا وهالوطن بخير مين يتكلم لطفا قلت انا مستفسرا .
المتصل “ول يزم مش عارفني انا حيدر ابن جارتكم ام حيدر اللي ساكنه براس الطلعة عند طرف الجامع الجياني بجنب المسكمه الغيدانية اللي قبال بياع اللبن اللي بحد المخبزبجنب الفوال اللي كان يغش الحمص .
هنا هدات سريرتي ونسيت شريط الذكريات وتعدل السكر بالدم لكني في نفس الوقت اصبت بالحنق لاني لا اعرف لا حيدر ولا ام حيدر وتمتمت بلعن كل الاشياء الجميلة عند حيدروامه واللي اعطا رقمي لحيدر .
واصبحت مثل توم عندما يفشل بامساك جيري فيخرج الدخان من اذنية وتخرج عينية لتصل الى انفه فسالته عن الرقم اللي ظهر عندي فقال لي انه كاتبه هيك على التروكولر لزوم العرط.
وقال: انت خفت هاي طلعت جبان وضحك بل قهقه و زاد حنقي حين علمت بان اخونا حابب يدردش معاي بنص الليل عن الواقع الرياضي بالبلد وخص بالذكر تشكيلة المنتخب وابداء الراي بالكرة العربية .
وهل الوحدات سيفوز بالاسيوية وتنفك عقدة نادي الحسين ويفوز الرمثا بالدوري وتستقيل ادارة الفيصلي ثم ما رايك بانريكي وهل زيدان سيقهر ميسي مفكرني ابو تريكة او عصام الشوالي.
وفي هذه اللحظة تحديدا اخذ حليب السباع والضباع مفعوله في جسمي وبلشت تبرق وترعد واحسست اني مثل النشمي اللي طل من الخندق وبلش يولع حرايق على راي عمر العبداللات فالساعة الثانية ونصف فجرا.
ادعيت بان البطارية نضبت وفصلت الخط ثم قمت باغلاق التلفون وصرت العن واسب ابو اللي اخترع التروكولر على ابو اللي اخترع التكنولوجيا واعطانا اياها على ابو حيدر وام حيدر وذهبت للنوم لعل النوم ياتيني بعد ان قمت بشطب الاخ من الفيس والواتس اب وحظرت رقمه بالهاتف وشطبت اسمه وشطبته من حياتي حتى اني لا اتذكره الان” نشف دمي منه لله
انا لا اعرف كيف يسمح البعض لانفسهم بوضع اسماء وهمية على تلفوناتهم تحمل اسماء جهات حكومية او امنية او حتى رياضية فهم يمارسون التضليل وانتحال الشخصية للعرط الفاضي ورفع السكروالضغط ومنسوب الرعب عند الناس والاهم من ذلك التلاعب بمشاعر الناس “والله انا طلعوني من ثيابي” وما هو دور شركات الاتصال بتوثيق ارقام الهواتف بالاسماء وعلى التلفونات.
احدهم اتصل معي فاعطاني التروكولر اسمه وزير التعليم العالي ” شخص اخر كان اسمه اليمامة الزرقاء” ثالث طلع اسمه ابوس روحك” والرابع كاتب اسمه عبدالله النسور والخامس ابو شنب لبيع الحطب والسادس دحدر .
والله صرت اخاف ان يرن التلفون فاجد اسم هاني الملقي وتدور الوزرنة براسي وابدا التفكير باي وزارة اقبل وحين ارد اتفاجا بمدير مدرسة ابني يبلغني بهروبه من الحصة الرابعة.
هناك قصة اخرى وهي الرقم المخفي او الرقم الخاص ومن هذا الرقم تحديدا لا ياتيني الا اتصال من شخص محدد احترمه واحبه فارد وانا بكامل قواي العقلية لا خائف ولا مرتجف بل اني استمتع بالحديث معه الا انه في ذات يوم رن هاتفي من رقم خاص والذي لا يمكن ان يكشفه التروكولر ففتحت الخط مسرعا وقلت هلا بالمعلم هلا بالكبير فقال لي المتصل معلم مين يا كبير راجعنا بكرة على المحافظة عليك شكوى .
وتستمر الحكاية ان هربنا من التلفون طلع بخلقتنا الواتس وان شطبنا الواتس لاقتنا الرسائل وان هربنا من الرسائل اصطدمنا باسماء ما انزل الله بها من سلطان انستغرام وتويتر وسناب شات وما سنجر
وان غلقنا ا كل الامور هذه بنلاقي الفيس بوك قاعد بخصرتنا وان سكرنا ورحنا للجرايد اول ما بنفتح الا على زوايا الاموات والذين عادو من المتاحف واول سطر نقراه تسحيجة لارتفاع الاسعار يعني كيف ما لفيت وجهك مش زابطة وبالنهاية بحكولك صحفي مين قدك وكله كوم وملعون الحرسة حيدر و التروكولر كوم بس مين حيدر جماعة .
يا اخوان كل اسمائنا في عالم الانترنت وهم على وهم يعني من المحتمل ان ياتيك هاتف تطلعلك فيفي عبده او طلب صداقة من ابوك باسم هيفاء وهبي او تكتشف انو المدام طايحة الفيس باسم ابو عنتر.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى