مسكينة أيتها الأنثى / أفنان زعيتر

مسكينة أيتها الأنثى
أفنان زعيتر

خلقتِ من ضلع آدم فقالوا عنك مائلة تحتاجين إلى تقويم، بيد أن الضلع بالأصل أعوج ليحمي قلبه، فإن قوّموكِ تُكسرين.
حاربتِ لأجل حقك فوجدتِ نفسك بالمساواة تُخدعين، وليس في المساواة عدل، فحملوكي ضعف أثقالك ولم يرحموكِ، فطالبوكِ بالأكثر، وبعدما كنتي مسؤولة من الرجل بحكم قِوامته، أصبحتِ ملزومة بالدفع قبله … بل بكل راتبك… بالإضافة إلى صفعة يهديكي إياها بغير مناسبة.
كنتِ تطالبين بحقك بالتعليم، فقيدوكِ بماذا تدرسين وإلى أي جامعة تذهبين، فيهمهم أي عمل تتخذين لتظلي قابعة تحت السيطرة دون أن تتمتمين.
وكنتِ تطالبين بحقك باختيار زوجك، فجعلوكِ لعبة يزوجونها ليتمموا الصفقات ويضموا العائلات ويحلوا المعضلات… حتى أولئك الأميرات…لم يشفع لهن منصبهن… بل زوّد همهن.
وحين حاولت التمرد استغلوكي في طريق المنكرات، أو جعلوكي من المتخذات أخدان، فقتلوكي باسم الشرف الذي لم يصونوه يوما، ولو أنهم صانوه لما تعذب أحد.
قاومتِ وقاومتِ أكثر، لكن ما زال اسمك عورة، وصوتك عورة، وضحكتك دليل رخصك، وجسدك حلوى.. إما مكشوفة و إما مغلفة ..تبعا لأهوائهم ونزواتهم.. ولستِ جسد إنسان يحق له أن يكون في صحة وعافية.
أرهقوكي بالعمل، ولم يراعوا حقك في إجازة حين ولادتك فحرموكي بدل الإجازة، وخفضوا من راتبك، أو استغنوا عنك.. أو دبروا لك المكائد…
وأصبحت الوظيفة شرطا عند اختيارك زوجة.. إن لم تملكينها تسقطين من أعينهم ، ويشيحوا عنكِ نظاراتهم..وتبقين عزباء فيعيرونك ويقولون عنكِ عانسا ويثرثرن..
تعملين في داخل البيت زوجة وأما ومربية وعاملة تنظيف، وتخرجين إلى العمل تتحملين المكائد والاستغلال ورؤية قلوب سوداء متعفنة، فيطالبوكِ بالأكثر… بالعزائم والمناسف والحياة الاجتماعية.. وكلام النساء لا يرحم … عائلتك.. عائلة زوجك… من تعتقدين أنهن صديقاتك… حتى جاراتك.. ومن لا تعرفينهن ومن تصادفينهن في الشوارع…
كلهن يتكلمن ويثرثرن ويجرجرن الرجال إلى أقاويلهن… وما أدراكِ بثرثرة أولئك الرجال…
ولستُ أدري إن كان يصحّ أن أقول رجال.

وأخيرا لا تسلمين من كيد النساء فتجدينه فتجدينه دائما في طريقك دون عناء… ليس فقط بالثرثرة والأقاويل، بل بالعويل أيضا والنحيب والتأويل، ووضع التمائم وفعل السحر والافتراء والتكذيب. ولا تجدين دعما من ابن آدم أو إحقاق حق، حيث يميل إلى إرضاء حواء ذات الكيد.. فهو يحبها دون شروط أو تقييد.

حياتك يا ابنة حواء ليست سهلة..
فيها من الجهاد ما يوصلك إلى الجنة..
منع ورفض وزواج وحمل وولادة وحمل ثقيل يفوق قوة الجبال تحميلنه على كاهلك..
وفي النهاية … خصصوا لك يوما قالوا أنه عيد الأم.. جلبوا فيه لك من الهدايا ما يستفيدون منه من أكواب وأقدار ولم يفكروا ما هي احتياجاتك. يجدون تعبك يساوي يوما من التكريم.. ونسوا 364 يوما آخرين فيهم من الويلات ما ترثين.

لك الله أيتها الأنثى…
ظلمتك أنثى أخرى مثلك حين ربّت ذكورها على أن يخطئوا بحقك… جرفتها أمومتها وعادات مجتمعها لتظلمك كما ظلمت من قبلك.. تنتقم لنفسها من أنثى مثلها … تؤمّن دون أن تفكر.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى