“التعايش مع الوباء”.. الحكومات ترفع القيود والعلماء يحذرون من “مجهول خطير”

سواليف

يبدو أن #الحكومات حول العالم قد اتخذت قرارها بتجاوز #وباء #كورونا وتشجيع مواطنيها على العودة إلى #الحياة #الطبيعية، في ظل حملة #اللقاحات المكثفة، لكن خبراء #الأوبئة لهم رأي مختلف تماماً.

فالآن وبعد مرور أكثر من عام ونصف العام على ظهور #فيروس كورونا المستجد، تشجع الحكومات في آسيا وأوروبا والأمريكتين شعوبها على العودة إلى إيقاع حياتهم اليومي والانتقال إلى واقع جديد تمتلئ فيه قطارات الأنفاق والمكاتب والمطاعم والمطارات مرة أخرى بالكامل. وشيئاً فشيئاً تعلو النغمة ذاتها: علينا أن نتعلم كيف نتعايش مع الفيروس.

لكن على الجانب الآخر، يحذر العلماء من أنَّ استراتيجيات الخروج من الوباء قد تكون سابقة لأوانها؛ إذ إن ظهور المزيد من المتحورات الأسرع قابلية للانتشار يعني أنه حتى الدول الغنية التي لديها لقاحات وفيرة، بما في ذلك الولايات المتحدة، تظل عرضة للخطر. وتعلّمت أماكن مثل أستراليا، التي أغلقت حدودها، أنها لا تستطيع إبعاد الفيروس.
هل يمكن فعلاً “التعايش مع كورونا”؟

نشرت صحيفة The New York Times الأمريكية تقريراً بعنوان “كيف تتعلم الدول تجاوز الأمر والعيش مع “كوفيد-19″؟”، رصد وجهتي النظر السياسية والعلمية وما تمثله كل منهما بالنسبة لحرب الوباء التي لا تزال تلون الحياة على الكوكب.

ويبدو أن الحكومات قررت أنها بدلاً من التخلي عن خرائط الطريق، لا بد من تقبُّل حقيقة أنَّ عمليات الإغلاق والقيود المستمرة جزءٌ ضروري من التعافي. ويُشجّع الناس على تغيير منظورهم عن الوباء والتركيز على تجنب المرض الشديد والموت بدلاً من العدوى، التي يصعب تجنبها. إضافة إلى أنَّ الدول التي لديها طموحات بالوصول لصفر إصابات بـ”كوفيد-19″ تعيد التفكير في تلك السياسات.

وقال ديل فيشر، أستاذ الطب في جامعة سنغافورة الوطنية الذي يرأس اللجنة الوطنية للوقاية من العدوى ومكافحتها بوزارة الصحة السنغافورية لنيويورك تايمز: “عليك أن تخبر الناس: سنسجل الكثير من الإصابات. وهذا جزء من الخطة؛ أننا نسعى لتجاوز الأمر”.
ضبابية المعلومات بشأن الفيروس المستجد تجعل من المستحيل توقع أي شيء يخصه

وأعلن المسؤولون في سنغافورة عن خطط لتخفيف القيود تدريجياً ورسم طريق الخروج من الوباء. وتضمنت الخطط التحول إلى مراقبة عدد الأشخاص الذين يعانون من مرض شديد، وعدد الأشخاص الذين يحتاجون إلى رعاية مركزة وعدد الذين يحتاجون إلى أجهزة التنفس، بدلاً من متابعة معدلات العدوى.

وبدأت تواجه هذه الإجراءات اختبارات بالفعل. فقد انتشر تفشي المرض عبر العديد من صالات الكاريوكي وميناء كبير لصيد الأسماك؛ مما دفع سنغافورة للإعلان، يوم الثلاثاء، 20 يوليو/تموز، عن تشديد الإجراءات، بما في ذلك حظر جميع المطاعم. وقال وزير التجارة، جان كيم يونغ، إنَّ البلاد لا تزال على المسار الصحيح، مقارناً القيود الأخيرة بـ”الحواجز” على طريق الوصول للهدف النهائي.

وقال مايكل بيكر، عالم الأوبئة بجامعة أوتاغو بنيوزيلندا، إنَّ البلدان التي تسلك طرقاً مختصرة في طريقها لإعادة فتح أبوابها تعرض الأشخاص غير المُحصّنين للخطر وتغامر بأرواح الناس.

وأضاف بيكر، الذي ساعد في صياغة استراتيجية القضاء على الفيروس في نيوزيلندا: “في هذه المرحلة من الزمن، أجد أنه من المدهش حقاً أن تقرر الحكومات أنها تعرف ما يكفي عن كيفية تصرف هذا الفيروس بين السكان لتختار: نعم، سوف نتعايش معه”.
غموض تأثير الفيروس وألغازه القائمة

لا يزال العلماء لا يفهمون تماماً “مرض كوفيد طويل المدى”- أو بعبارة أخرى الأعراض طويلة المدى التي لا يزال مئات الآلاف من المرضى المصابين سابقاً يصارعونها. ويقولون إنَّ “كوفيد-19” لا ينبغي معاملته مثل الإنفلونزا؛ لأنه أخطر بكثير. كما أنهم غير متأكدين من مدة المناعة التي توفرها اللقاحات ومدى الحماية التي توفرها ضد النسخ المتحورة من الفيروس.

إضافة إلى ذلك، لا يزال جزء كبير من العالم النامي يواجه ارتفاعاً في عدد الإصابات؛ مما يمنح الفيروس فرصة أكبر للتكاثر بسرعة، ويرفع من مخاطر حدوث المزيد من الطفرات والانتشار. ووفقاً لمشروع Our World in Data، تلقى 1% فقط من الأشخاص في البلدان منخفضة الدخل جرعة لقاح.

وفي هذا السياق، قالت شارون بيكوك، خبيرة علوم الجينوم البريطانية المعنية بدراسة التسلسل الجيني لكوفيد-19 لرويترز الإثنين 26 يوليو/تموز إن الطريق سيكون طويلاً لعودة الحياة لطبيعتها من الجائحة. وأضافت أنها متأهبة لحدوث تحورات جديدة في السلالة دلتا التي تجتاح العالم حالياً.

وجاءت تصريحات بيكوك بعد أن قرر رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون إنهاء إجراءات العزل العام في إنجلترا، وقال إن على بريطانيا أن تتعلم وبحذر كيف تتعايش مع الفيروس وإن الطرح السريع للقاحات سمح بإعادة فتح الأنشطة في الصيف.
الهند
كيف وصلت سلالة دلتا من الهند إلى أستراليا؟/ رويترز

لكن بيكوك قالت إن عملية العودة للمسار الطبيعي للأمور ستكون بطيئة بسبب التوزيع غير المتعادل للقاحات عالمياً. وأضافت لرويترز: “إنه طريق طويل جداً لعودة الأمور لما كانت عليه”. وأشارت إلى أنه ستكون هناك حاجة لنظام مراقبة عالمي واضح لظهور السلالات الجديدة والتنسيق بشأن أفضل لقاحات لمواجهتها كما يتم مع الإنفلونزا.

وأطلقت بريطانيا برنامجاً جديداً يضم منصة لتقييم ظهور سلالات جديدة لمشاركة خبرتها في مجال الجينوم مع العالم. ووصفت بيكوك سلالة دلتا، التي تسبب أكبر قلق من تفشي المرض حالياً، بأنها “الأقوى والأسرع” من باقي السلالات حتى الآن. وتابعت قائلة: “هناك تحورات جديدة كثيرة في سلالة دلتا؛ ولهذا نتابع ذلك بتدقيق بالغ. لكن ليس هناك سبب حتى الآن للقلق بشأن ذلك”.
وضع الوباء في الولايات المتحدة وأستراليا

وفي الولايات المتحدة، حيث تتولى حكومات الولايات والحكومات المحلية الكثير من عمليات صنع القرار، تختلف الظروف اختلافاً كبيراً من مكان إلى آخر؛ إذ تتمتع ولايات مثل كاليفورنيا ونيويورك بمعدلات تطعيم عالية، لكنها تطلب من الأشخاص غير المُلقّحين ارتداء أقنعة في الأماكن المغلقة، في حين أنَّ ولايات أخرى، مثل ألاباما وأيداهو، لديها معدلات تطعيم منخفضة، لكنها لا تتبنى قواعد تُلزِم بارتداء الأقنعة. وتخطط بعض المدارس والجامعات لطلب تطعيم الطلاب داخل الحرم الجامعي، لكن العديد من الولايات حظرت المؤسسات العامة من فرض مثل هذه القيود.

وفي أستراليا، أشار العديد من المُشرّعين في الولايات هذا الشهر إلى أنَّ البلاد قد وصلت إلى “مفترق طرق” تحتاج فيه إلى الاختيار بين القيود المستمرة وتعلم التعايش مع العدوى. وقالوا إنَّ أستراليا قد تحتاج إلى السير على خطى الكثير من دول العالم والتخلي عن نهجها بالوصول إلى “صفر إصابات كوفيد”.

من جانبها، دحضت غلاديس بريجيكليان، زعيمة ولاية نيو ساوث ويلز الأسترالية، هذا الاقتراح على الفور. وقالت: “لا يمكن لأية دولة أو أمة أو أي بلد على هذا الكوكب التعايش مع متغير دلتا عندما تكون معدلات التطعيم لدينا منخفضة للغاية”. ولم يحصل على التطعيم الكامل سوى 11% فقط من الأستراليين فوق سن 16 عاماً.
النسخة الهندية من كورونا
لقاحات فايزر وأسترازينيكا أظهرا فعالية في مواجهة النسخة الهندية من كورونا – رويترز

وتراجع رئيس الوزراء سكوت موريسون عن الدعوات لتغيير بروتوكولات “كوفيد-19” في البلاد. وبعد الإعلان عن خطة من أربع مراحل للعودة إلى الحياة العادية في 2 يوليو/تموز، أصر على أنَّ قوة متحور دلتا تتطلب تأجيل تنفيذ الخطة إلى أجل غير مسمى.

وفي الأماكن التي كانت فيها اللقاحات متاحة على نطاق واسع لأشهر، مثل أوروبا، راهنت الدول بقوة على برامج التطعيم الخاصة بها بوصفها تذكرة للخروج من الوباء ومفتاحاً للحفاظ على انخفاض حالات الدخول إلى المستشفيات والوفيات.

ويمكن للألمان الحاصلين على التطعيم الكامل في الأشهر الستة الماضية تناول الطعام في المساحات المغلقة في المطاعم دون الحاجة لإظهار دليل على سلبية الاختبار السريع. ويُسمَح لهم بالاجتماع في خصوصية دون أي قيود والسفر دون الحاجة للبقاء في حجر صحي لمدة 14 يوماً.
بريطانيا قررت التعايش مع كورونا

في حين اتخذت إنجلترا، التي انتهت تقريباً من تطعيم جميع سكانها الأكثر عرضة للخطر، النهج الأكثر حسماً؛ إذ ألغت، يوم الإثنين 19 يوليو/تموز، جميع القيود المرتبطة بـ”كوفيد-19″ تقريباً على الرغم من ارتفاع الإصابات بمتحور دلتا، خاصة بين الشباب.

وفي “يوم الحرية”، كما أطلقت عليه الصحف الشعبية، فتحت الحانات والمطاعم والنوادي الليلية أبوابها على مصراعيها. ورُفِعَت القيود المفروضة على التجمعات ومتطلبات الأقنعة. وشوهد الناس يتناولون الطعام في الهواء الطلق ويتشمسون وهم على مسافة قريبة جداً من بعضهم.

وفي غياب معظم القواعد، تحث الحكومة الناس على التحلي بـ”المسؤولية الشخصية” للحفاظ على السلامة. وفي الشهر الماضي، قال ساجد جافيد، وزير الصحة البريطاني، الذي ثبُتت إصابته بفيروس كورونا المستجد في الأسبوع الماضي، إنّ البلاد بحاجة إلى “تعلم كيفية التعايش” مع الفيروس. يأتي هذا على الرغم من استطلاعات الرأي التي تشير إلى أنَّ الجمهور الإنجليزي يفضل نهجاً أكثر تدريجية في إعادة الفتح.

ويقول المسؤولون في سنغافورة، التي أبلغت يوم الثلاثاء 20 يوليو/تموز، عن 182 إصابة- في أعلى معدل إصابات منقولة محلياً تسجله هذا العام- إنَّ عدد الحالات من المرجح أن يرتفع في الأيام المقبلة. ويبدو أنَّ تفشي المرض قد أخر خطط إعادة الفتح على مراحل، لكنه لم يفسدها بالكامل.

وصرّح أونغ يي كونغ، وزير الصحة السنغافوري، هذا الشهر: “إنك تمنح الناس إحساساً بالتقدم، بدلاً من أن يصيبك الجنون وأنت تنتظر ذلك اليوم الكبير الذي يُفتَح فيه كل شيء”.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى