لصوص عالمكشوف / عبدالكريم أبو زنيمه

لصوص عالمكشوف

يحكى أن لصين اشتريا زجاجة خمر وورقاَ للعب الشّدة وسيجاراَ فاخراَ من النوع الذي يدخنه صاحب أحد القصور المراقب من قبلهما منذ فترة ، تسللا الى قصره ليلاً وفتحا الخزنة دون إلحاق أي ضرر بها وأخرجا كل النقود الموجودة فيها ووضعاها على إحدى الطاولات ،ثم أعدا ثلاثة كراسي حول الطاولة ووضعا ثلاثة كؤوس فوقها وسكبا الخمر فيها ، ثم أحضرا ما وقعت عليه ايديهما من فاكهة وتسالي على الطاولة ، وزّعا ورق الشده لثلاثة أشخاص وبدآ بالتدخين وقد عمدا إلى تدخين بعضاَ من السيجار وشرب القليل من الخمر وتناولا الفاكهة وكأنهما في بيتهما ، حضر صاحب القصر وما أن رآهما حتى أستل مسدسه وهددهما بعدم المقاومة ريثما تأتي الشرطة ، أتصل بالشرطة وما هي الا لحظات حتى حضرت ولم يبديا اي مقاومة أوأي ارتباك ! دخل أفراد الشرطة الى القصر وشاهدوا كل الأشياء على الطاولة..كؤوس الخمر والفاكهة وبقايا سيجار وسجائر وشخصين جالسين بكل ثقة وطمأنينة على الطاولة وبايديهما ورق اللعب وورق مقلوب على الطاولة لشخص ثالث..سألهما قائد مجموعة الشرطة ماذا تفعلون هنا ! أجابه أحدهما وهو يمسك بيده ورق اللعب : كما ترى يا سيدي..نلعب قماراً ! ولكن صاحب القصر هذا يتهمكما بالسرقة ! ضحك اللص بسخرية وقال:وهل هناك لص غبي يسرق كل هذا المال الموجود على الطاولة وينتظر صاحبه ريثما يأتي ليخبر الشرطة لتلقي القبض عليه..لعبنا القمار يا سيدي وهو خسر هذا المال وما كان منه إلا أن هددنا بسلاحه وأتصل بكم..وكل شي أمامك يا سيدي ! نظر قائد الشرطة بكل أحتقار الى صاحب القصر وطلب من أحد جنوده تصوير المكان وتصوير المتصل وهو لا زال ممسكاً بمسدسه…ضبطوا كل الموجودات وفي اليوم التالي حول الثلاثة للمحكمة التي حكمت للصوص بكل المال المضبوط والحكم بالسجن على صاحب القصر لتهديده حياتهما ،خرج اللصوص في وضح النهار والمال المسروق بحوزتهما وأشعل كل منهم سيجاراً على باب المحكمة على مرآى من الناس !!! لصوص بحماية القانون !
هكذا نهبت الثروات وسرقت أموال الشعب ! قوانين شُرعت لحمايتهم وتمنع مسائلتهم ومحاسبتهم ،يسرقون في وضح النهار جهاراً نهاراً ،تضيع الاوطان وتنهب عندما تهيمن طبقة من المارقين ممن لا جذور لهم على كل مفاصل الدولة تعيث فيه فساداً وخرابا في ظل قوانينهم..تضيع الاوطان عندما لا يُسأل من كان فقيراً ومعدماً بالامس وأصبح من أصحاب الملايين والعقارات والاملاك من أين لك هذا !!! تضيع الاوطان عندما لا تستطيع أجهزة الرقابة والمحاسبة أن تنظر للاعلى ،تنهار الدول اذا تردد القضاء بجلب أي لص واذا ما فكر أي قاض ولو للحظه بمصيره ومستقبل أبناءه ، تنهار الدول وتضيع الاوطان عندما يصبح مرشح الشعب مليونيراً بدورة برلمانية واحدة وهو من شحد بالامس رسوم ترشحه ، تنهار الدول عندما تقيد الحريات العامة وتكمم الافواه الا من التطبيل والتزمير والنفاق…يضيع الوطن عندما يستجوب ويسجن ويهان أصحاب الدار ممن لا يجدون قوت يومهم بينما يدخن أعداؤه الصوص السيجار وينهبون ثرواته في وضح النهار !!!
aboznemah@yahoo.com

اظهر المزيد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى