الانفجارُ آتٍ

الانفجارُ آتٍ

المهندس: عبد الكريم أبو زنيمة
أما وأن كل المناشدات والمطالب والنصائح المطالبة بالإصلاح من كل أبناء هذا الوطن لم تجد آذان صاغية بل اتجهت نحو المسار المعاكس لتكريس #سلطة_الفرد فإن النتيجة الحتمية ستكون #انفجار_الاوضاع ومؤشرات قربها تلوح في الأفق ، اليوم لم يعد خافياً على أحد بأن الوطن يباع بالتجزئة وتتبخر عائدات بيعه وتتطاير إلى ملاذات آمنة ، هذه العائدات التي لم تنعكس يوماً على خفض المديونية ولا على مشاريع وطنية ولا على أي من مؤشرات التنمية ، لقد فضح الفضاء الإعلامي المفتوح الكثير مما كان يجهله الشعب الاردني ، فالمعلومة والصورة تنتشر وتجوب أرجاء العالم خلال دقائق من نشرها .
هنا لا بد من عمل مقارنة سريعة وموجزة بين عهدين للتدليل على قرب الانفجار الشعبي استناداً لما يهمس ويبوح به الشارع الأردني اليوم “قبل وبعد عام 2000” كسب الملك حسين رحمه الله عقول وأفئدة الشعب الاردني لقربه منهم لغة ومجلساً وسلوكاً ، كانت الجماهير تكاد تخرج عن بكرة أبيها بعفوية ومحبة لملاقاته دون تحشيد من الاجهزة الامنية ، كان يمسك بخيوط اللعبة السياسية في المنطقة وكان مرجعاً لها وأستغلها لصالح الاردن لفرض وتقديم المساعدات ، جعل من الأردن محجاً سياسياً لكل الأحداث التي عصفت بالمنطقة ، نهض بالأردن في شتى المجالات ضمن الامكانيات المتاحة ، كان لا يقطع أمراً مصيرياً الا بالتشاور مع الرموز الوطنية والسياسية وإطلاعه الشعب على ذلك من خلال لقاءاته أو خطاباته المؤثرة جداًعلى الشارع الأردني ، كانت زوجات الملك كذلك لا يختلفن كثيراً عن بقية نساء الاردن في لباسهن وسلوكهن ومظاهرهن إن لم يكن أقل ، وكن يجلن الأردن طولاً وعرضاً دون أي مظاهر ومراسم أمنية ، حتى الملكة نور الغربية الثقافة والتربية لم تخرج يوماً عن التقاليد والأعراف الاردنية بل كانت أكثر التزاماً وتواضعًاً وبساطة ، كذلك كان ولي عهده الأمير حسن في قربه وتواصله مع الشعب الأردني ، كان في ذلك العهد تواصل وتلاحم فطري مبني على المحبة والوفاء والانتماء بين الشعب ومؤسسة العرش .
نتائج عقدين من عهد الملك عبدالله الثاني شهد الأردن تراجعاً في شتى المجالات وزيادة هائلة في حجم المديونية ونسب الفقر والبطالة وانتشار واسع للجريمة والمخدرات ، لقد بيعت غالبية أصول ممتلكات الدولة ويجري اليوم بيع الاراضي الاميرية ، اليوم يفرط بالسيادة والكرامة الوطنية، والشعب الأردني لم ولن ينسى قتل مواطنين اثنين من قبل رجل أمن صهيونيين في عاصمته عمان ويستذكر بذات الوقت موقف الملك الراحل عند محاولة العدو الصهيوني تصفية خالد مشعل عندما هدد إسرائيل قائلاً “اتفاقية السلام بيد والمصل العلاجي في اليد الاخرى” ، الاقتصاد الأردني يدمر من خلال الاتفاقيات المذلة مع دولة الكيان الصهيوني والتبعية لاشتراطات صندوق النقد والبنك الدوليين والتبعية السياسية للغرب مع خسارتنا الكبيرة لتكاملنا مع محيطنا العربي ، التراب الأردني تدنسه الاتفاقية الأمنية مع أمريكا ، التضخم المالي وتآكل الأجور ، العبء الضريبي الكبير على الفقراء وتدنيه على الأغنياء ورؤوس أموالهم إذ لا يعقل أن يدفع بالتساوي أصحاب الرواتب المتدنية والرواتب العالية نفس الضريبة 16% ، نسبة النمو السكاني أعلى بكثير من نسبة النمو الاقتصادي وهذا سيراكم حجم البطالة وضآلة فرص التشغيل، غياب التواصل والتشاور بين مؤسسة العرش والشعب الأردني مع الهالة الكبيرة للأجهزة الأمنية المصاحبة لهم مع التنويه هنا أن نواب الأمة لا يمثلون الشعب الأردني “الانتخابات مزورة وقانون الانتخاب غير وطني ونسب التصويت لا تتجاوز 30% بأحسن أحوالها” تضخم مؤسسة النهب والفساد ، غياب المسائلة والمحاسبة ، التفاوت الكبير المعيشي والسلوكي وهالة الثراء بين مؤسسة العرش والطبقة الحاكمة والشعب الأردني الجائع.
هذا التفاوت الكبير بين العهدين وإدراكهم أن الحكومات هي حكومات صورية وأن هناك غزواً صهيوناً للوطن أفقد الشارع الاردني عفويته و وولاءه ومحبته لمؤسسة العرش وإعادة نظرته للقدسية الدينية التي تمتع بها الملوك السابقين من الهاشميين مضافاً إليها الحاضر المؤلم لأكبر شريحة مجتمعية الشباب العاطلين عن العمل وما سيلحق بهم ممن هم على مقاعد الدراسة مع انسداد الأفق الاقتصادي مستقبلاً وفقدان الدولة لمعظم روافدها المالية وتسلطها على جيوب المواطنين الفقراء سيدفع الشارع الأردني إلى الالتحاق بأول شرارة تنادي برفع الظلم واستعادة الكرامة والسيادة الوطنية إن لم يتم تداركها بأسرع وقت ، إذ ليس أمام البائس الجائع سوى الانتحار أو الانفجار!

اظهر المزيد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى