المواطن بين المواطنة والهجرة !

المواطن بين المواطنة والهجرة !
بسام الياسين

هاديء وحزين. لم يتصالح مع ذاته،ولم تُصالحه ايامه.مسكون على الدوام باعباء الحياة اليومية وهمومة الشخصية.اعتاد ان يَتَحَملَّ هزائم الآخرين،ويَحْتمل اوزارهم.ارغم صاغراً عوزه على دفع فواتير رفاهية علية القوم مع انه ـ يعمل بالمياومة ـ.هو مخزن ديناميت،سريع الاشتعال والانفعال،شديد الانفجار.صفحة وجهه مرآة تعكس بؤس العالم، فيها تقرأ آخر آخبار الدنيا السامة وفضائح الانتهاكات بالانسانية …اياد الحلاق فلسطيني مصاب بالتوحد،قتله الصهاينة بدم بارد وهم يهزجون ” ارهابي…ارهابي “. العجيب كان الخبر الصادم واضحاً على قسمات المواطن العربي الاغرب ان وسائل الاعلام العربية والعربية والدولية كانت اسوأ المتواطئين مع الصهاينة حيث مر الخبر من دون ان يأخذ حقه وكأن الانسان صفيحة زبالة.

على المقلب الاخر،كان حزن العربي مضاعفاً على مقتل جورج فلويد الاسود تحت ركبة الشرطي الامريكي الابيض،لانه يرى في ذلك المظلوم ذاته،فامريكا ام الشرور،راس الجريمة ،صانعة الارهاب.هناك اندلعت الاحتجاجات ،سارت المظاهرات المليونية،رُسمت الجداريات،اما هنا مر الخبر دون اثر وكأن العنصرية الصهيونية مغفورة ذنوبها، ونظام الاربتهايد الاسرائيلي مُحصنُ من النقد،مع ان عباقرة علماء النفس يجزمون:ـ اليهودي جُبِلَ على الاذى ولا يمكن صلاحه او اصلاحة لان شيفرة جيناته عدوانية.

ديمومة تكشيرة المواطن،صرامة تقاطيعه،نظراته المتوهجة بالتوتر،بريق عينيه اللامعة بالقهر…كلها مؤشرات تشير الى ان كأسه مترعة بالعذاب،انفاسه اللاهثة توحي بكآبة حادة،الفاظة المسكونة بالانكسار تقول بلا كلام :ـ عذاباته المستوطنة في اعماقه، ستعطيه قوة مزلزلة مجرد ان يطل راسه من قمقمه المحبوس فيه.فقد تعب من الهرولة خلف اللقمة حتى تقطعت انفاسه،ولما حشروه بالزاوية تخلى عن شعاره :ـ ” اللهم خبزي كفاف يومي ” الى ” اريد حقي وما سلبتموه من عمري وما سرقتموه من وطني “. لم تعد احلامه صغيرة كأحلام العصافير،اشباع معدته وسلامة رأسه من الصيادين بل تمرد على لعبة تجويعه فسيولوجياً،ترويضه سياسياً،تفريغه سايكولوجياً…..اللعبة انتهت ولا بد من المحاسبة.

مقالات ذات صلة

اكتشف بعد طول معاناة وتضليل اعلامي، ان ما يجري باطل الاباطيل،قبض ريح،بيدر من قش ،جعجعة بلا طحن.هو مجرد ظل صورة في طرف الزاوية،كمبارس لتشكيل المشهد،لزوم ما لا يلزم،مفيد في الانتخابات لتعليق اليافطات،وتلطيخ الجدران بصور مرشحين الحكومة،سحيج في القاعات،هتّيف في المدرجات.هو ضروري لزيادة الطوابير امام المخابز،الوقوف في البرد والقيظ لانتظار الحافلات،لدفع الفواتير المتعددة الاسماء والاطوال،للاحتراق الوظيفي لتأمين دخل يكفي عياله.للاصغاء الى حكمة الصبر حتى اهالة التراب عليه في القبر،فالدنيا دار اختبار وشر والسعادة للمحرومين في الآخرة فهناك الحور العين وهناك ما تشتهي الانفس.لذلك من الايمان ان تصمت حتى يأتيك عزرائيل،فالصمت اعلى درجات الحكمة،وآيتك الا تكلم الناس ثلاثاً سويا.فتغيير المنكر بالقلب اسلمَ ومن سكت فقد سَلِمَ وغَنِمَ.لذا انتهج فلسفة الغنم وقل….. مآآآآآآآآآع.

المواطن العربي اول من ركب قارب الموت للنجاة بجلده،هرباً من جور الانظمة والحروب البينية،و اول من حمل الخيمة على اكتافه منذ نكبة فلسطين الى نكبات الحروب الاهلية في عديد الاقطار العربية.وهو رافع مداميك قصور الاغنياء حتى تسلخت اكتافه.جزاؤه ان هدموا بيته على راسه.وهو ذاته الذي لقنوه منذ رضعته الاولى، ثقافة التجهيل وهندسوا دماغه على الاذعان، وداسوا على رقبته مثل جورج فلويد لكنهم لم يحبسوا انفاسه ليستغلوه،وهو هو الذي حشروه في قفص وعلموه فنون المصارعة مع اشقائه احياءً لِسُنةٍ منقرضة ” داحس والغبراء ” حتى صارت الخارطة العربية ساحة مراجل فتفتت العربان الى شيعٍ وقبائل.الانكى ان ضاحي خلفان، احد الجهلة بابجديات التاريخ والسياسة،يعتقد انه فصيح الامة،وصناجة العرب واشهر الضاربين على الطبلة والعازفين على الربابة،بدل ان ينادي بالتهدئة بين بني قومة المتحاربين على امتداد الخارطة العربية،يقفز مثل الكنغر ويطالب بمناداة اسرائيل المتوحشة المارقة بالصديقة….صحيح ابت الحماقة ان تفارق اهلها.

نسأل من يتحمل تدمير شخصية المواطن حتى اصبح كومة من حُطام…ركاماً من عظام…سُلماً لاهل السلطة للارتقاء على ظهره.محبطات جعلته يعيش في غربة داخل وطنه، شقياً على امتداد عمره،محتاجاً رغم خيرات بلاده.كل هذه المصائب لكنه لا يجرؤ على فتح فمه،وهو يرى بام عينيه الفساد الكبار والحصار القهر،فظلال الاحكام العرفية ما زالت معشعشة في لا وعيه وثقافة الكبت تشل عقله وتحد من خياله، فكيف يبدع وهو يمشي بحرية في غابة موحشة متوحشة كل حركة فيها تشي بنهش بدنه او نتشه ملابسه لتعريته ؟!.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى