الاعلام والقيم

#الاعلام والقيم
المخرج محمد الجبور
تلعب الصحافة دورا فعالا في تربية الناشئة وسائر أفراد المجتمع، لكن وسائل الإعلام اليوم أصبحت متنوعة، و أُضيف إلى الصحافة المكتوبة وسائل جديدة كالراديو والتلفزيون، وقد كان لهما دور عظيم في التثقيف والتربية ورفع مستوى سلوكيات الافراد، إلى أن حلت الفضائيات في المنازل فعظم الخطر السلبي في شباب الجيل فإذا كان التلفزيون المحلي قابلا للتحكم والمراقبة، فإن الفضائيات لا يمكن مراقبتها لأنها متحررة من القيود التي تفرضها الدول الملتزمة، وغدت الشاشة الملونة مسرحاً للناشئة والكبار والمحافظين والمتحررين، وصار أمر ضبط وسائل الإعلام ومراقبتها عسيراً سواء في عملية تغير الموقف والاتجاه على مستوى الأشخاص والقضايا أو على مستوى القيم والسلوك، ويبقى الإعلام عاملاً مؤثراً ورئيساً في عملية التحول تلك، فمن خلال الرسائل الإعلامية (المعلومات) الصحيحة، أو المشبوهة، أو حتى المكذوبة، التي تقدمها وسائل الإعلام، يشكل الفرد من الجمهور موقفه. إن الإنسان أياً كان لا بد أن يكون له حكمه الخاص على كل ما يصادفه في بيئته، من أفراد أو قضايا أو سلوك، هذا الحكم الذي يتشكل لديه على أساس من المعلومات المتوفرة أمامه، ألسنا في طفولتنا نحكم على الأشياء (صواب أو خطأ) من خلال (المعلومات) التي يوفرها لنا الوالدين وكذلك يفعل أطفالنا انطلاقا من القاعدة نفسها. إن وسائل الإعلام بما تبثه من كم هائل من الرسائل الإعلامية وسّعت مساحة نفوذها في عقول أبنائنا وبناتنا على حساب (المعلومات) التي نوفرها نحن لهم، كما أن وسائل الإعلام نفسها استحوذت على الجزء الأعظم من مصادر المعلومات التي نستقي منها فهمنا وبالتالي حكمنا على الأشياء. إن وسائل الإعلام أًصبحت تؤثر في مواقفنا لأننا أصبحنا نتعرض لها وحدها بطريقة تشبه الإدمان، والنتيجة الطبيعية لحالة التلقي من (مصدر واحد) هي فهم الأمور والحكم عليها بطريقة واحدة من خلال وجهة نظر واحدة. إن وجهة النظر ذات البعد الواحد غالباً بل دائماً ما تكون ناقصة ومنحازة لذا فالاتجاه الذي يتشكل لدينا حيال أمر ما بتأثير وسائل الإعلام يحمل السمات نفسها.. أي أنه ليس دائماً صواباً. أن أخطر ما يمكن تلقيه من القنوات الفضائية هو تزايد مشاهد العنف والإباحية، فهما يمثلان أشد السلوكيات خطورة على النشء المسلم بل على المجتمع المسلم كله بكل طبقاته وأعماره وفيما يتعلق بالإنترنت، ذكرت عدة إحصاءات عربية وعالمية عدد الساعات التي يقضيها المستخدمون على شبكة الإنترنت ونوعية الأعمال التي يمارسونها عليه وحول اهتماماتهم به وهل استخدامهم له للدراسة أم للترفيه، فاتضح منها أن الإنترنت الآن يدخل في كل المجالات ويتوغل فيها ولا يعيقه شيء عن النفاذ إلى كل المجتمعات فلا يحول بين الناس وبينه عائق مادي ولا معنوي، وفي كل يوم تزداد وسائل الوصول إليه تيسيرا وقلة كلفة ليكتسب في كل يوم أرضا جديدة لا تبرح تترك أحدا ممن اكتسبتهم، وأصبح الانترنت هو المصدر الأول لتلقي العلوم والثقافات بل وأغنت فضاءات المواقع الاجتماعية كثيراً من الناس عن صلة الأرحام والخروج من المنزل للتنزه أو تجديد النشاط وصار كثير من الناس حبيسي البيوت والمقاعد يتطلع أحدهم إلى شاشة صغيرة طول الوقت لينام مجهدا آخر الليل.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى