الإسلاميون الجدد

الإسلاميون الجدد
د. هاشم غرايبه
سمعت حديثا لأحد #الدعاة، وهو #شيخ فاضل مشهود له بالصدق، أنه كان في ضيافة #مسلمين فرنسيين في باريس، تحدث لهم بألم عن واقع #المسلمين وانهزامهم أمام #الباطل رغم أن منهجهم #الحق، فقال له أحدهم، أنت مخطيء فالإسلام متجه نحو النصر وسيسود العالم، وما هذه الحملة المسعورة في الغرب عليه إلا لإحساسهم بذلك، قد تكونوا أنتم العرب مهزومون من داخلكم، لكن الواقع يقول أن المستقبل للإسلام.
وأكمل قائلا: سأروي لك قصة مؤثرة نقلها شاهد عيان، وهو باكستاني الجنسية يعمل في المركز الإسلامي في باريس، وهي عن شابة فرنسية دخلت #الإسلام وتعمق إيمانها، ما كان يشغل بالها غير أن تقنع أمها به، كانت أمها ترفض خوفا من ردة فعل مجتمعها، لم تيأس ابنتها من اقناعها كلما زارتها، وفي يوم اتصل بها المستشفى ليبلغها أن أمها دخلت في حالة صحية حرجة، أسرعت إليها ووصلتها ليلا، كان همها أن تدخل أمها الإسلام قبل أن تلقى ربها، اقتنعت الأم أخيرا عندما عرفت أن نهايتها اقتربت، فاتصلت البنت بالمركز الإسلامي لتسأل عن إمام المسجد لتعلن أمامه الشهادتين، ولما كان الوقت متأخرا فلم يكن هنالك غير الحارس الباكستاني الجنسية، فرجته أن يحضر مسرعا، ولما حضر كانت الأم فاقدة الوعي وابنتها تضع فمها عند أذنها تحاول عبثا ايقاظها، يقول راوي القصة الباكستاني أن الإبنة كانت تصرخ في أذن أمها اليمنى: رددي ورائي أشهد أن ..وهو في الأذن اليسرى، وفجأة فتحت الأم عينيها ورددت وراءهما الشهادتين باللغة العربية التي لا تفهمها، ثم أغمضت عينيها الإغماضة الأخيرة.
يكمل الراوي: لم أشهد في حياتي أعجب من هذا المشهد، فإبنتها تضحك وتبكي معا ، تنهمر دموع الفرح على أن أمها أسلمت قبل فوات الأوان، مع دموع الحزن على موتها.
لكن ما أبهرني أكثر، رحمة الله التي تجلت في هذه الحادثة، فقد شاء تعالى أن يكافيء هذه الصبية الصادقة في إيمانها، بأن يلهم أمها النطق بالشهادتين على مسمعها بلغة سليمة وهي لا تعرف العربية، فيطمئن قلبها على أمها وتعرف أن الله تقبل إيمانها فاستجاب لدعائها بأمها.
ينهي الشيخ حديثه فيقول: أن هذا الفرنسي المسلم علمني بحديثه الكثير، فقد رأيت كثيرين من هؤلاء الذين يشبهون الفتاة من الشباب الفرنسيين الذين دخلوا الإسلام عن قناعة عقلية، فكان إيمانهم راسخا، تعرفت عليهم عن كثب، فلم أجد بينهم من يطلق لحيته ولا من يلبس الدشداشة القصيرة ويضع في جيبها العلوي مسواكا، بل جميعهم رجالا ونساء لا يختلفون في مظهرهم عن أفراد المجتمع الآخرين، لكن الإيمان الذي في قلوبهم لا تزعزعه الأعاصير، بل أعتقد أنه لا يقل عن إيمان آل ياسر.
لا يجادل أحد في أن فردا واحدا ممن دخلوا الإسلام عن اقتناع، لا يوازيه نفعا للإسلام ألف ممن وجدوا أنفسهم مسجلين كمسلمين في قيود الأحوال المدنية، لذلك فلا ينفع الأمة كثرة العدد من هؤلاء، بل الراسخون في الدين. من هنا نفهم الحديث النبوي الشريف والذي يصف حال أمتنا بدقة كما نراها في هذا العصر: “.. بل أنتم يومئذٍ كثيرٌ، ولكنَّكم غُثاءٌ كغُثاءُ السَّيلِ..”، فنعرف أن علينا أن ندخل الإسلام من جديد، بعقولنا.
ولنعلم أن لا نمن على الله باتباعنا منهجه، فهو ليس بحاجة لصلاتنا وصيامنا، بل نحن بحاجة الى دينه ليقومنا، فعلينا أن نعمل بإخلاص لإنقاذ أمتنا من مصير الإستبدال الحتمي إن بقينا هكذا…”وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ” [محمد:38].

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى