ابتسامة و دموع ..

ابتسامة و دموع ..
على أطراف حينا في ضواحي عمان الشرقية , كان الوقت مبكرا ولما ترتفع الشمس بعد , كنت أنحدر باتجاه الطريق العام عندما استوقفني مشهد مجموعة من الكلاب التي يطلقون عليها كلابا ضالة ولا أظنها كذلك , فالأصح أن تسمى كلابا حرة ! , لقد لفت نظري من بين تلك الكلاب عائلة صغيرة , جروان صغيران بصحبة الأم والأب أو قل الزوج فلا أحد يستطيع الجزم بأنه هو الأب ! , الجروان كانا في غاية المرح , يتقافزان ويلعبان ويتصارعان ولا تلبث أمهما أن تشاركهما اللعب والمصارعة , والأب ndash; الزوج ndash; يحافظ على وقاره ولكنه يبقى قريبا من العائلة السعيدة , يبتعد أحد الجراء قليلا ثم يعود ملتقطا بفمه عبوة مياه بلاستيكية فارغة فيلقيها ليلتقطها الآخر ويستمر اللعب والمرح ..
وربما مرت في تلك الأثناء العديد من سيارات الأجرة التي كنت بحاجة الى احداها ولكنني لم أتنّبه لها لاستغراقي في متابعة مشهد المرح , بل تنّبهت لنفسي وقد ابتسمت وأوشكت على الضحك , فتداركت الأمر سريعا وعدت الى الوضع الطبيعي ! فلقد خشيت أن يمر أحد معارفي فيراني مبتسما عند الصباح ! , فينتشر الخبر وتسمع عبارة .. لا حول ولا قوة الا بالله ..
فجأة يصطف ( بكم ) ستاوت حقير بلون أزرق فاتح , فيحجب عني مشهد الكلاب المرحة , ترجلت منه امرأة ترتدي ثوبا أسودا وتغطي رأسها ومعظم وجهها فيما بقي السائق ndash; الزوج ndash; خلف المقود متلفعا بشماغ أبيض يعلوه عقال العز ! , توجهت المرأة من غير تلكؤ الى كوم النفايات على الرصيف فتناولت العبوات البلاستيكية والمعدنية الفارغة وقلبت الأكياس بسرعة فالتقطت كيسا يحوي خبزا يابسا , ألقت كل ما حظيت به على ظهر ( البكم ) وعادت الى مقعدها بجوار زوجها المتجهم وانطلقا ..
عندما اقتربت المركبة مني تواريت بسرعة فقد تملكني خوف شديد خشية أن تقع عيناي في عيني تلك المرأة العفيفة ..
على الرغم من عودة مشهد الحيوانات المرحة الا أن الدمعة سبقت الأبتسام ..

mahmoudhxyz@hotmail.com
عمّان

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى