من دفاتر معلمة …. ( أنا حرة ) / خلود المومني

من دفاتر معلمة

( أنا حرة )
ان تمضي عقوداً من عمرك تتعلم كيف تسيطر على غضبك هذا قمة الصبر، تعلمته جيداً.. الصبر والحلم، لكن أن تواجه طفلاً يسرق منك كل ذلك في لحظة فتلك كارثة.
يبدو أني لم أتعلم شيئاً…متمردة كانت.. خارجة عن المألوف لطفل في العاشرة.. وأنا لا أستطيع أن أكمل حصتي كما يجب بسببها…اتجهت إليها : توقفي عن الكلام مع جارتك وانتبهي لي….لا فائدة…ومرة أخرى : غادري مكانك هذا واشرت لمقعد آخر تذهب إليه…نظرت الي تلك النظرة الشزراء وقالت : لن أغادر مكاني… أنا حرة… أجلس أينما أريد وافعل ما أريد…ليس لديك الحق في التدخل في حياتي أو بما افعل.
يا إلهي!!! هل أنا حقاً امام طفلة في العاشرة…يمكنكم تصور موقفي…هناك نار اشتعلت في رأسي..عددت للعشرة كما أفعل دائماً في هذه المواقف.. ثم عشرة..فعشرة…و…يجب ان اتخذ إجراء وإلا خرجت أموري في صفي عن السيطرة…هناك خمسون طالبة تنتظر اجرائي…و……حتى لو كان ضميري سيعذبني بعدها لأني أعرف نفسي..ولأول مرة في حياتي.. أمد يدي إلى إنسان ليس فقط طالبة وليس بالضرب فقط…وبلا عقل.. أعترف أني فقدت حلمي وصبري وعقلي…سحبتها من جديلتها أمام السبورة، فسقطت على الأرض….و……قلت لكم بلا عقل.
عادت إلى مكانها صامتة مبلسه..يبدو انها صدمت بالنتيجة…لم تتوقع تصرفي…وعدت وأكملت حصتي أو هذا ما كان يبدو..لم ير أحد ارتجاف اوصالي أو نزف قلبي…وانتهى ذلك اليوم..وليست كأي عودة من عملي..ما من أفراد اسرتي الا وسألني عن سبب دموعي.
في صباح اليوم التالي..كنت متجهة للتوقيع على الحضور صباحاً…لمحت الطالبة ووالدتها في غرفة الإدارة وعرفت حينها بعبارة مبسطة: اجاك الموت يا تارك الصلاة…ستشكوني حتماً..استدعتني المديرة: ماذا حصل؟؟؟ وبدأت بإسلوبي الهاديء أشرح ما حدث..وانا بنصف حديثي نهضت الام من مكانها ورفعت يدها تهم بالضرب.. وما شعرت إلا وتلك الصفعة الكارثية تسقط على وجه ابنتها والتي بقيت آثارها الى آخر النهار الدراسي.
تلك الأم تصرفت بعقل وكما يجب عليها من أجل مصلحة ابنتها…لم تقف إلى جانبها وهي على خطأ.. اعطتها محاضرة في كيفية احترام المعلمة وحتى الأكبر سنا…تعدل سلوك الطالبة بقية الأعوام وتقدم مستواها.وأصبحت ووالدتها صديقتين وأنا فخورة بها وبمثلها.
نحتاج العصى أحيانا..ولا تتوقعوا ان يصل اي معلم إلى هذه المرحلة من الغضب وفقدان السيطرة إلا من شيء اكبر من حلمه وصبره وسعة صدره…هم مستفزون في أحيان كثيرة..ولكن اعتقد أن أغلب المعلمين لا يكملون العد للعشرة الأولى هذا كل ما في الأمر…ارجوكم زيدوا العشرة عشرة وعشرة وعشرة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى