كلام الرئيس

مقال الأحد 29-1-2017
النص الأصلي
كلام الرئيس
بعد أسابيع من الرعب الاقتصادي والتخويف واللطم المنظّم والبكاء و “التنشيح” و “الكركبة” النيابية وتكهنات الخبراء ،وإشاعات مواقع التواصل الاجتماعي ،جاء لقاء رئيس الوزراء مع برنامج “ستون دقيقة” مختلفاً عن كل “الشدّ العصبي” الذي رافق إقرار الموازنة..وللإنصاف كان لقاء هادئاً، مطمئناً ، منطقياً، غير متكلّف ،ليس استعراضياً ولا استفزازيا ولا يسعى إلى التذاكي على الشعب أو الصدام معه في النفس الوقت..
هو يشبه تماماً كلام “الطبيب العام” لشخص مصاب بالسكري والضغط وفقر الدم والقصور الكلوي وتضخم الكبد وضعف في عضلة القلب وتصلب في الشرايين..فيقول له : ( فحوصاتك ممتازة ، ما عندك امراض ،بس توكلش خبز) الطبيب لا يريد أن يخسر مريضه كزبون وهو يعرف في قرارة نفسه أن الفحوصات ليست على ما يرام ، والمريض بالمقابل مرتاح لهذا التطمين : مع انه يعرف أنه ليس على ما يرام ، ويعرف أن الطبيب العام يعرف شيئا عن كل شيء لكنه لا يعرف كل شيء عن الشيء..
كلام الرئيس في العموميات ممتاز ومريح ،لكن إذا ما دخلنا في الاختصاص فإنه لن يشفي ولن يبرئ الذي نحن فيه..تكلّم الرئيس عن السيارات الحكومية ،وعن عدم تجديد الأثاث ،وسفر الوزراء على الدرجة السياحية ،كل هذا ممتاز ،لكنه يشبه إلى حد بعيد من يشعل أنوار القصر الداخلية والخارجية ويطفئ “النوّاسة” طلباً للتوفير…هذه “النواسة” التي بدأت بها لا توقف شلال الفساد الموجود بالمؤسسات وبين يدي كبار المسؤولين..
للمرة المليون ملفات الفساد الموجودة في مكافحة الفساد هذه ليست تحف ولا وثائق تاريخية تحتفظ بها الدولة في “الفترينات” هذه أموال الدولة و أموال الشعب حرّكها واستعدها اذا أردت العمل الجاد والتأسيس لتصحيح اقتصادي ، الأرقام النائمة في تقارير ديوان المحاسبة الذي تستلم الحكومة كل سنة نسخة منها “متر في متر” أين هي؟؟ هذه الأرقام ليست أسئلة سنوات سابقة ولا “حجب”..هذه أموال يجب استرجاعها!..
لا يمكن أن تتكلم عن خطط مستقبلية مل لم تكافح الفساد..لا يمكن ان تتكلم عن إصلاح اقتصادي و”ماسورة الفساد” تبلع كل الذي سيصل للخزينة ، لا يمكن ان تتكلم عن نمو ، عن مكافحة فقر وبطالة ما لم تكافح الفساد..وإياك ان تقول لا يوجد فساد لأن الوقت ليس مناسباً للضحك على أنفسنا والوطن!.
بصراحة استغربت جداً أن دولة الرئيس ذكر في البرنامج “السردين” و”الطون” و”البلابيف” بالاسم.. ولم يذكر الفاسدين في حديثه ولم يأت على أي وعد او عهد أو حزم في ملاحقتهم ومحاسبتهم واسترداد الأموال المسروقة،خوفاً من ان يزعجهم في البرد او ينغصّ سهريّتهم…أيهما أكثر حضوراً في ذاكرتك “السردين” ام الفساد 60دقيقة من الحديث ولم تتذكر 10 ثواني للكلام عن الفاسدين الذين أوصلوا البلد الى ما هو فيه؟؟…
يا دولة الرئيس لن تبنوا جسراً للثقة مع الشعب ما لم تثبّتوا أعمدة الجدية والإرادة في محاربة الفساد واسترجاع الأموال أولاً، الجسر الذي تفكرون به هو محض خيال ما لم يشاهد المواطن جدّية في محاربة لصوص الوطن…
اما اللغة التطمينية الواثقة…فهي تهدىء الروع قليلا…لكنها لا تشفي ولا تطيل العمر… صدقني يا “أبا فوزي”!!

احمد حسن الزعبي
ahmedalzoubi@hotmail.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. الأخ العزيز احمد حسن الزعبي

    تحية طيبة وبعد,

    استميحكم عذرا لبداية رسالتي الكلاسيكية وأود اعلامكم ما يلي:

    أولا ليكن معلوما لديكم انني احترم ما تكتبون واقدر لكم مواقفكم جميعا.
    ثانيا ومنذ فترة ليست بالبسيطة توقفت عن متابعة قرأه المقالات ومشاهدة البرامج والتلفزيونات العربية باستثناء الأفلام الأجنبية وذلك لما من اسفاف في المحتوى العربي عموما ولانسداد الأفق العربي في الإصلاح.
    ثالثا وصلنا الى مرحلة الكفر المطلق لما هو عربي بسبب القيادات الجاثمة على الصدور.
    رابعا وبعد كل ما سبق ونظرا لان كل العرب يتجسسوا على كل العرب ولأنه لا ثقة بانسان عربي فقد قررت شخصيا مقاطعة كل ما هو عربي وكل ما يمت بصلة الى الحكومات الى ان يشاء الله. ومن منطلق على وعلى اعدائي فقد قررت عدم إعطاء الحكومات أي فرصة للفرحة والتشمت بي كمواطن وذلك من خلال مقاطعة كل ما تدعو له الحكومات المختلفة الى ان يشاء الله والى ان يتم تداول سلمي للسلطة. اما ما دامت الاصنام في اماكنها فلن نقسم باللاة والعزى ما حيينا.
    خامسا وهنا اود ان أقول لك اخ احمد بان الشعوب العربية وصلت لقناعة بان إ>>>>> اشرف من كثييييير من العرب, فعلى الأقل هي بوجه واحد وليست بمليون وجه. اما عرباننا فلا دين لهم ولا ذمة لهم.
    سادسا: ومن منطلق ان ما يجري في الدول العربية هو شان داخلي بين الزعامات بعضها البعض فانني اقترح على جميع الشعب المسخمط ان يتقدم بطلبات هجرة جماعية الى زيمبابوي لانها اشرف من التخلف العربي.
    سابعا : وفي الختام ارجو ممن بقي لديهم ذرة من الشرف ان يقاطعوا جميع أنواع التعامل والتعاطي مع كل من شغل منصبا في هذا البلد.

    ودمتم بخير عزيزي.

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى