الأردن بين دبلوماسيين أميركي وروسي

الأردن بين دبلوماسيين أميركي وروسي
ماهر أبو طير
لا تعرف اذا ما كان السفير الروسي في عمان، في تصريحاته الأخيرة لوكالة سبوتنيك، يتهم الأميركيين بالتغول على الأردن، أو انه يتهم الأردن بالتبعية للأميركيين؟!

التصريحات التي خرج بها السفير الروسي في عمان، غليب ديسياتنيكوف حول منع الأميركيين مشاركة الأردن في إعادة اعمار سورية، أو أي نشاطات تجارية مع سورية، جريئة من حيث توقيتها، ومغزاها، خصوصا، حين تأتي من دبلوماسي معتمد كسفير في بلد يتحدث عن شؤونه الخاصة لوكالة انباء، ولا تعرف تحديدا ماذا يقصد بتصريحاته، التي اتهم فيها واشنطن بمنع الأردن من الاقتراب من السوريين، برغم ان ظاهرها يبدو نقدا لواشنطن ؟.

في كل الحالات فأن تدخل الأميركيين في عمان، والتهديدات السابقة من دبلوماسي أميركي أيضا، للأردن اذا اقترب من سورية، خلال لقاء مع القطاع التجاري، ليست سرا، فقد تم الحديث عنها مرارا خلال الأيام الماضية، وادينت برلمانيا، ومن جهات إعلامية وسياسية.

اللافت للانتباه هنا، اننا في الحالتين، وسط تصريحات حادة بين دبلوماسيين أميركيين وروس، حول الشأن الأردني، دون أي رد فعل أردني رسمي، إزاء ما يجري على الأرض الأردنية، من تقاذف بالمسؤوليات والاتهامات، وحديث الطرفين عن شؤون أردنية حساسة.

مقالات ذات صلة

هي ذات الاتهامات التي تسربت أيضا، حول اعتراض واشنطن، على رغبة الأردن بإعادة تعيين سفير اردني في دمشق، في سياقات سعي الأردن لتحسين علاقاته مع سورية.

واشنطن هي المانح الاقتصادي الأكبر الى الأردن، وهي على صلة بكل حلفاء الأردن التقليديين، وبهذا المعنى تتحكم او تؤثر على القرار في الأردن، لاعتبارات مختلفة، ليس اقلها ان الأردن ليس لديه بدائل، تجعله قادرا على التحرر من المساعدات الأميركية، او تأثيرها على اتجاهات الأردن السياسية وتحالفاته المختلفة، بين وقت وآخر.

على هذا كله يمكن ان نقرأ بطريقة مختلفة، ردود فعل الأميركيين غير المعلنة، إزاء ترقية العلاقات بين الأردن وتركيا، مثلا، أو الأردن والعراق، أو الأردن وروسيا، وهذا ما شهدناه خلال الفترة الماضية، والأمر ينطبق على بقية العلاقات الأردن الخارجية، التي شهدت محاولات جزئية للانفكاك من المحور الأميركي، نحو تحسين جزئي للعلاقات مع اطراف أخرى في المنطقة، من باب التوازن، أو حتى الاستعداد لنتائج إعادة ترسيم الخريطة.

اتهامات الدبلوماسي الروسي، للأميركيين بالتدخل في الشؤون الأردنية، عبر التأثير الاقتصادي، وما ترافق معها من معلومات كثيرة، يوجب الرد بشكل واضح من الجهات الرسمية، خصوصا، اننا خلال اقل من أسبوعين شهدنا هذا التراشق بين الدبلوماسيين الأميركيين والروس في الأردن، بوسائل مختلفة.

لكن السؤال الأهم يرتبط بالذي تريده واشنطن تحديدا من الأردن، إذ ان ضغط الإدارة الأميركية، وتدخلها في قضايا أردنية، ضغط لا يمكن أن يكون مقبولا، حتى لو كانت واشنطن المانح الأكبر للأردن، خصوصا، ان توظيف موقع الأردن الجيوسياسي، في الخريطة الإقليمية والدولية، يجري بطريقة بائسة، من جانب عواصم كبرى مثل واشنطن، التي تريد معاقبة السوريين والإيرانيين، لكن الذين يدفعون الثمن فعليا، هم حلفاء واشنطن، مثل الأردن، الذي يتم خنقه اقتصاديا، وتحويله الى جسم معزول في منطقته، بدلا من انفتاحه على جواره.

خلاصة الكلام، ان واشنطن، تريد الأردن، تابعا لها، بالكلفة الاقتصادية والسياسية، التي تقررها الولايات المتحدة، وهي أيضا، تزج بالأردن في حسابات الإقليم الأميركية، دون أي مراعاة لمصالح الأردن، ودون أن تتكبد كلف التوافقات الأردنية مع واشنطن، حول هذه القضايا، أي انها تريد اغلاق العلاقات مع سورية، ولا تريد تقديم حل بديل في الوقت ذاته.

يريدون الأردن ضعيفا، في الوقت الذي لا يريدونه أن ينتهي، وبحيث يبقى تحت رحمة الأميركيين وحدهم، فوق تحديد سقوف الأردن السياسية المتعلقة بجواره التاريخي، سواء في العراق، أو سورية، أو حتى مع الفلسطينيين، وهذا اخطر ما قد نواجهه، أي معاكسة عقارب ساعة المنطقة التي ننتمي اليها، على عكس رغبة الغالبية العظمى.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى