افتتاح مقر للبنك الدولي في الأردن .. لماذا ؟

سواليف – فادية مقدادي
على الرغم من اختلاف التصريحات بين وزير المالية الأسبق عمر ملحس ، ووزيرة التخطيط والتعاون الدولي ماري قعوار ، حول وجود مقر للبنك الدولي في الأردن منذ عشر سنوات ، هذه المعلومة التي اعلنها الوزير ملحس قبل يومين ، ومن ثم النفي الذي صدر عن وزارة التخطيط ، حيث أوضحت أن ما أشار إليه ملحس هو مكتب يعود لمؤسسة التمويل الدولية وهي عضو في البنك الدولي ، وهي ذراع استثمارية تعنى بتمويل القطاع الخاص ، إلا أن ذلك لم يجب عن تساؤلات المواطنين الأردنيين حول سبب افتتاح مقر للبنك الدولي في الأردن ، وكل ما حدث من نفي وتوضيح ، لم ينجح في التغطية على التساؤلات حول ما وراء افتتاح المقر .

هذا من جهة ، ومن جهة أخرى تساءل مواطنون عن جدوى هذا النقاش والذي وصفوه بالعقيم ، حيث أن افتتاح مقر للبنك الدولي في الأردن ، سواء كان مقرا موجودا أم سيتم افتتاحه لا يدعو للتفاخر ، ولا لمحاولات نسب الإنجاز إلى حكومات سابقة ، فالمطلوب أن يعرف المواطن ، تبعات هذه الاتفاقية التي تم توقيعها بين الأردن والبنك الدولي لافتتاح المقر .

المهندس عبدالفتاح طوقان وفي سؤال لسواليف حول جدوى وما وراء افتتاح مقر للبنك الدولي في عمان ، قال أن الاْردن دوما كان موقعا متميزا و جاذبا للمؤسسات الدولية ، و سبق لمؤسسة التمويل الدولية وهي عضو في مجموعة البنك الدولي والذراع الاستثمارية، وتعنى بتمويل القطاع الخاص، ان أسست مكتبها من سنوات بموجب اتفاقية موقعة سابقا .
وأضاف طوقان أن الاتفاقية الجديدة مع وزارة التخطيط فسيتم من خلالها افتتاح مكتب للبنك الدولي للمراقبة ، مماثلا لمئة مكتب مراقبة متواجد في الدول المدينة ومن ضمنها الان الأردن.
واستدرك طوقان قائلا : ولكن في كل الأحوال البنك الدولي غير مرحب به شعبيا لانه المستعمر الجديد للأوطان أينما حل و يفرض شروطه التي تذعن لها الحكومات الضعيفة.

وبين في معرض حديثه أن المكاتب المحلية في العادة هي لمراقبة متابعة خدمة الديون و مدي الالتزام باستراتيجية البنك الدولي وتنفيذها ومتابعة سياسات الدولة اَي بمثابة رجل المخابرات و الشرطة المالية علي البلد المتواجد فيه المكتب القطري وهو ما يختلف عن مكاتب نائب رئيس البنك الدولي لمنطقة اسيا او افريقيا او البحر الكاريبي التي تراقب وتتابع اداء منطقة باكملها وتدرس امكانات تمويلها و إخضاعها لسياسات البنك الدولي.

خبير اقتصادي علق حول افتتاح المقر فقال : أن البنك الدولي يشترط وجود مكتب داخلي له في الأردن بعد بلوغ القروض مستوى محدد وذلك لمراقبة وتوجيه سياسات الدولة الاقتصادية والمالية والسياسية والاجتماعية وغيرها بهدف عدم تعثر الدولة في التسديد وتوجيهها بافكار استراتيجية .
وحسب رأي طوقان في ختام حديثه لسوالف قال ، أن افتتاح المكتب الجديد جاء متوافقا مع دخول الاْردن في منطقة الخطر والذي يقترب من الإفلاس .

إلا أن الخبير الاقتصادي حسام عايش اعتبر افتتاح المقر من ثمرات مؤتمر لندن الأخير الذي عقد في نهاية شباط الماضي ، وشارك فيه الأردن ، حيث ذكر أن الحكومة تقدمت الى البنك الدولي للحصول على قرض جديد بقيمة مليار دولار ، وهو ما اعلنته الحكومة قبل أيام .
وحسب عايش قرب فتح فرع البنك الدولي في عمان سيمنح الحكومة تسهيلات عديدة للحصول على القرض الجديد ، علما أن القرض الجدي من أجل خدمة الدين العام وسداد فوائد القروض ، مما يشير إلى أن الأمور غي مشجعة على التفاؤل .

ورغم عمليات التجميل للتصريحات الحكومية ، إلا أنها لم تطمئن الأردنيين على مستقبل الأردن بشكل عام ولا مستقبل المواطن الأردني بشكل خاص ، في ظل ارتفاع متزايد في المديونية ، ما أثر بشكل مباشر على مستوى معيشة المواطنين ، والذي ما عاد يتحمل المزيد من تبعات تراكم الدين العام .

ونذكر أيضا بما ذكرته قناة المملكة في شهر كانون الثاني من هذا العام ، أي قبل ثلاثة أشهر تقريبا ، حين نشرت أن البنك الدولي حثّ الحكومة على رفع تعرفة خدمات المياه بنسبة 40% للحفاظ على استدامة وديمومة سلطة المياه، والقطاع برمته من عجز مالي مزمن.
و أضافت المملكة إلى أن البنك أشار في أحدث تقرير حول إصلاحات قطاع المياه في الأردن إلى ضرورة تحميل الزيادة في تكاليف الكهرباء إلى مستهلكي المياه في الأجل المتوسط لضمان بقاء خدمات المياه قابلة للاستمرار من الناحية المالية ، هذا الخبر الذي نستذكره يشير إلى أن قرارات أخرى ما زالت في علم الغيب سيتم اتخاذها ، وستكون بتوصيات مباشرة من البنك الدولي ومقره في الأردن ، والهدف هو تدخل مباشر في السياسة الاقتصادية والمالية للدولة ، لمصلحة البنك أولا وأخيرا ، مع غض النظر عن مصلحة المواطن الأردني ، سواء من الحكومة أو من البنك الدولي .
ويتساءل مواطنون ، اذا كان مثل هذا الإملاء من البنك الدولي يتم من خارج حدود الوطن ، فما هي طبيعة الإملاءات القادمة حين يتم افتتاح المقر في عمان ؟
ويرى آخرون ، أن الوضع إذا ما استمر على هذه الحال ، وحكومات متعاقبة لا تجد حلا للإنفاق وسد عجز الموازنة وخدمة الدين ، إلا بالاقتراض من البنك الدولي ، وصندوق النقد الدولي ، فإن الأردن بات تحت ارتهان لإرادة الدائنين الذين لن يرحموا وطنا ولا مواطنا .
وما زال الأردني بانتظار أن يحصل على إجابة شافية وافية من الحكومة … افتتاح مقر للبن الدولي في الأردن … لماذا ..؟؟

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى