جبل الحسين / أسمى بسطامي

جبل الحسين
لم أكن بحاجة لذلك الدفتر المهترئ من يومياتي الغابرة ،،، حين بدأت بالصفحة الاولى تدفقت الذكريات شلال هادر ، كيف لا وقد كان وطني جبل الحسين ،، اشترى ابي بيتنا القديم عام ١٩٦٠ ، تركنا السلط الحبيبة الى عمان ‘ غربة في وطن ‘
في الحسين قلب العاصمة آنذاك ،،، كل ذكرى مغلفة بفرح وابتسام ،، كل جدار في حيّنا يحمل حروف ” أسمائنا ”
كانت الأشجار تحبنا ، والشوارع تشتاق لأقدامنا الصغيرة التي كانت وسيلة النقل الوحيدة. نبدأها من درج ( الشنقيطي ) الى البلد ، يميناً الى البنك المركزي حيث كنت اعمل ،، ويساراً الى ” اللويبده ” ،،،، ولو أسرعنا الخطى نلحق بالدرج الصاعد الى جبل عمان بجانب مطاعم ‘ الاْردن ‘ ،،،، نحث السير قبل موعد السينما في ” الرينبو )
ذهابا وإيابا مشياً وهرولة ، لم نكن نشعر بالتعب ،، وكل حواسنا تصرخ فرحاً بعد الحرمان من مصروفنا اليومي لأجل هذه اللحظة ،، ندخّر أياماً كي نسعد يوما. لم نكن ندري ان السعادة كانت في الانتظار والترقب واحلام اليقظة بقضاء نهاية أسبوع حافلة ،،، وبماذا – بفيلم سينمائي ، مع كازوزة ،،،، ورفقة صديقات الطفولة حيث كنّا نعيش مستوىً واحدا متشابه في كل شيئ ، تلك الرفقة التى غابت كما غاب الشباب والاحلام ،،، والأماكن والاشجار والطرقات ، ،،، لم تتغير معالم البلد ، اختلفت نظرتنا اليها ،، كانت عمان بيتاً وحديقة وكنا نعرفها شبرًا بشبر ، والاجمل انها كانت تعرفنا .
ليتنا لم نغادر البيت والحديقة ، ليتنا بقينا هناك حيث تحملنا اقدامنا الجسورة الفتية الى أماكن قلبية ، سكنت ارواحنا بأساس خالد ، وافترشت لها في الذاكرة متكئا ومنزلا ،
عمان في اعيننا ذاك الزمان حدودها تبدأ من جبل القلعة وتنتهي في دوار الداخلية ، كانت في عيوني ” قد الدنيا ” والسفر الى السلط عبر صويلح يحتاج الى تدّبر وتفكير ،،، وقضاء يومين في بيت عمتي في المنشية رفاهية ولا اروع حيث يُطل على مدرسة السلط الثانوية التي كانت تأخذ ابي في رحلة ذكريات نخجل ان نعيده منها ،،،
ذكرياتي في السلط جميلة ، غير ان وعيي تفتح في عمان اكثر ، كل ذلك كان قبل ثلاثين سنة ونيّف “” رجاءاً أكرموني بنيّف واعتبروه برهة من الزمان .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. اقول للكاتبه المتميزة ابدعت يتلك الكلمات الجميله ذكريات السنين خطت في انفسنا الكثير من الالم والامل

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى