السعودية «تتجمل» في «البث المسروق» والمخفي في «أصداء» مصطفى الآغا وعندما «يتبرع» نظام سوريا بـ «الشعب»

يسألني مقدم البرامج في الأردن الزميل جهاد مومني على الهواء مباشرة عن صيغة تحاول المقارنة بين من يؤوي النازحين ومن يهجرهم ويتسبب بمأساتهم في جنوب سوريا .
تبدو صورة الانتصار التي يبثها تلفزيون الفضائية السورية مستفزة للضمير، من ينتصر على من، في أرض درعا المحروقة؟!
بالنسبة للمواطن الأردني وصل «فصام النزوح» إلى مستويات غير مسبوقة لماذا يعاقب من «يؤوي» اللاجئين من شبيحة النظام السوري، فيما ينبغي أن يحصل من تسبب بأزمتهم أصلا على «مكافأة»؟
نعم التحفظ على فتح الحدود خيار وطني أردني، لأنه من الفانتازيا السياسية والأمنية أن يكافيء العالم النظام السوري، كلما تشرد شعبه بأن يسمح له بترتيب حراك ديمغرافي على مقاسه، بحيث تصبح منبج مشكلة تركية ودرعا أردنية والرقة عراقية كردية وبلودان لبنانية وهكذا.
فعلا أمر يثير السخرية: الدول التي تتهمها دمشق بالمشاركة في «المؤامرة» تعاقب بإرسال قطعة كبيرة لها من الديمغرافيا السورية على شكل لجوء ونزوح.
لم نسمع يوما في حياتنا عن «نظام عروبي قومي مقاوم وممانع» يقدم لمجاوريه نصف شعبه بهذه البساطة!

الآغا… يفعلها

الحق يقال، يعجبني مصطفى الآغا وهو يفتعل نسخة جديدة من برنامجه على «أم بي سي» ليقدم لنا كما يقول «سهرة وناسة كروية» مع نخبة من النجوم مع خلطة منوعات خفيفة الظل تتفاعل بدورها حول الرجل المركزي وهو الآغا نفسه.
لا ضرر أن تدار كل الكاميرات والمايكروفونات حول «مذيع ناجح» ما دام الرجل نشطا ويغني مع مشجعين مغاربة، ثم يحرس مرمى نجمة تونسية أو يصفق لعبدالله بالخير، ويغازل راقصة لبنانية .
على الأقل من تتسلط عليهم الأضواء في أنظمة الاستبداد والفساد يديرون العرض دون أي قيمة مضافة، خلافا لما يفعله الآغا، الذي وجد – ولأسباب سياسية على الأرجح – أن هامش المناورة أمامه في تغطية كأس العالم لا يسمح له بالتركيز على الشأن الرياضي فاختار زاوية ذكية لكي يتواصل عرض برنامجه فيفرح ويفرح المشاهدين.
لا أخفي إعجابي بإلتقاطة الآغا، لكن المخفي في الحساب السياسي واضح وليس مهمة زميلنا تجاوزه، حيث غالبية الضيوف من «دول الحصار العربي» على دولة قطر، ومن مجموعة الدراما السورية، وحيث لا نجوم في دول المغرب العربي أو مصر أو الأردن او العراق أو اليمن أو قطر يصلحون لكاميرا الأصداء إلا من رحم ربي.
لم يكن أمام الآغا إلا «الميسور» واللعب في المتاح وبعد مغادرة البرازيل للمونديال من المرجح أن «الحق ع الطليان»!

… تلك السعودية

على سيرة مباريات المونديال الروسي، تمنيت خلال لحظة وأنا اتابع مباراة «مسروقة» من أصحاب الحق ببثها أن تكون السعودية تشبه فعلا تلك التي ظهرت في فاصل دعائي خلال عملية السطو على البث.
فجأة خطفت عملية سطو بث المباراة من قناة «بي إن سبورت» وبدأ مذيع سعودي بصوت أجش يبث فاصله الدعائي، ويتحدث عن «رجولة وفحولة» أهل السعودية وعن النهضة الصناعية والنفطية والأماكن السياحية والترفيهية.
عبر الفاصل نشرت عشرات من صور ولي العهد ولقطات تسخر من دول مجاورة وعلى طريقة… «الخيل والليل والبيداء تعرفني».
كله كوم والتحدي في مفصله الرياضي كوم آخر، حيث يقول اللص الفضائي فجأة «جايينك يا روسيا»… وقيل ذلك بعد أكثر من أسبوع من مغادرة الفريق السعودي للمونديال من الدور الأول بدليل أن الفاصل معلب ومعد مسبقا.
طبعا إصرار الآغا على طرح سؤال للجمهور في كل حلقة يتعلق بمشاركات السعودية في كأس العالم مكشوف أيضا، لكن الأهم هو أني تمنيت للحظة أن أزور «تلك السعودية»، التي تظهر في الفاصل الدعائي خلال عملية السطو على الهواء.
كيف يقبل الشقيق الكبير كل هذا الدجل خلال وصلة بث مسروقة؟!
تذكرت طبعا تلك النكتة الأردنية التي يعبر فيها طفل وهو في عمان عن رغبته في زيارة الأردن، الذي تتحدث عنه الشاشة خلال فاصل دعائي فضائي بثته سابقا «أم بي سي» أيضا وكلف هيئة تنشيط السياحة حفنة عملاقة من الدولارات.
غالبية الشباب سائرون على طريقة «مصر… البيت بيتك»، زميلنا نضال منصور صدق المقولة وحمل أولاده لأغراض سياحية لزيارة بيتهم المصري فعلق عدة ساعات في مطار القاهرة، ثم أعيد لعمان بدون أي توضيح.

اللطم القومي

حتى لا نبالغ في اللطم القومي يمكن القول إن «الدول العربية» التي تظهر على الفضائيات الممولة «أكذب» حكايات العصر الحديث، فالأردني لا يستطيع العبور إلى دمشق والمصري يعتقل في بغداد والجزائري يراقب في الرباط والسعودي لا يستطيع مقابلة زوجته القطرية والفلسطيني لا يعبر جواز سفره بثلثي المطارات العربية والليبي معتقل في بلده واليمني لا مكان له في معظم المطارات العربية.
رغم ذلك تستمر محطة النيل في بث الفاصل الدعائي بعنوان «بيتك… المصري»، ويظهر الأردن «ودودا جدا» في أغاني تلفزيون الحكومة، وتبدو السعودية وكأنها ألمانيا على الأقل عندما يتعلق الأمر بالقانون وواجبات الضيافة.
بإختصار لا يوجد في شبكتنا «كذبة» أكبر من فواصل الإعلانات وبرامج الترويج على الفضائيات العربية، ودوما… «الله غالب».

مدير مكتب «القدس العربي» في عمان
بسام البدارين

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى