توقعات متشائمة لاقتصادات الشرق الأوسط.. النفط يفقد بريقه

سواليف
نشر موقع “أوف شور تكنولوجي” المختص بأخبار الطاقة تقريرا، تحدث فيه عن الظروف التي ستواجهها اقتصادات الشرق الأوسط وشمال أفريقيا خلال سنة 2019، مع وجود توقعات متشائمة بحدوث بعض التطورات الإيجابية، خاصة مع ابتعاد الحكومات عن سياسات التقشف.

وقال الموقع في تقريره إنه يمكن اعتبار 2019 سنة تقدم وتطور بالنسبة لاقتصادات بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، خاصة مع تخطيط الحكومات لاتباع مسارات تساعد على توسيع ميزانياتها، ووجود العديد من المؤشرات التي تدل على أن القطاع الخاص ينتهج مسارا صحيحا. لكن، لا يخفي هذا الأمر الانخفاض الذي شهدته أسعار النفط خلال شهر تشرين الثاني/ نوفمبر، ما أدى إلى تراجع النظرة الإيجابية التي كانت تبدو واضحة خلال وقت سابق من هذه السنة.

وتجدر الإشارة إلى أن أسعار النفط انخفضت إلى 60 دولارا للبرميل بحلول 25 تشرين الثاني/ نوفمبر، مقارنة بالسعر الذي وصلت إليه مع بداية شهر تشرين الأول/ أكتوبر، حيث بلغ سعر البرميل 85 دولارا.

ووفقا لشركة “كابيتال إيكونوميكس” الاستشارية، فإنه من غير المحتمل أن يسلط التراجع الأخير في أسعار النفط ضغوطا كبيرة على اقتصادات دول الخليج. وحتى في حال شهدت الأسعار هبوطا، ووصل سعر البرميل إلى 40 و50 دولارا، ستظل قيمة عملتهم ثابتة مقابل سعر الدولار، ولن تواجه أي تهديدات.

ونوه الموقع بأن المختصين في مجال الاقتصاد الخليجيين لا يزالون يتوخون الحذر في ما يتعلق بالانتعاشة التي شهدتها أسعار النفط في الفترة الممتدة بين سنة 2017 و2018، نظرا لأن هذا الأمر سيكون مؤقتا.

وأشار الموقع إلى أن الإصلاحات التي قامت بها الكثير من الدول في السنوات الأخيرة لزيادة الإيرادات غير النفطية وتعزيز التنويع، على غرار تطبيق الضريبة على القيمة المضافة في كل من الإمارات والسعودية، يمكن أن تكون مهمة بشكل كبير. ووفقا لمعهد التمويل الدولي الذي يتخذ من واشنطن مقرا له، فإنه من المرجح أن يبلغ متوسط سعر خام برنت 67 دولارا للبرميل الواحد سنة 2019، و60 دولارا خلال سنة 2020 مقارنة بـ72.5 سنة 2018.

وقال الموقع إنه يبدو أن دول الخليج أعلنت عن اتباع سياسة مالية أكثر توسعا خلال شهر تشرين الأول/ أكتوبر من سنة 2018، عندما وقعت الحكومة السعودية اتفاقيات مع شركات للمقاولة بهدف بعث مشروعين كبيرين لسكة حديد تبلغ قيمتهما أكثر من 14 مليار دولار. وجاء هذا المشروع بعد وقت قصير من إعلان حكومة أبوظبي عن برنامج تحفيز اقتصادي بقيمة 13.6 مليار دولار. وتكشف هذه الخطوة أن أكبر الاقتصاديات في المنطقة على استعداد للتخلص من الاقتصاد الذي يقوم على النفط.

ونوه الموقع بأن تأثير هذا التغير في السياسات الاقتصادية سيظهر أكثر خلال سنة 2019، خاصة مع حصول المزيد من المشاريع الكبرى على تأييد من الحكومة، الأمر الذي من شأنه أن يقدم دفعا لقطاع البناء خلال السنة المقبلة كحقبة جديدة لمكاسب الاستثمارات التي تقودها الحكومة.

وفي هذا السياق، قال غاربيس إيراديان، كبير الاقتصاديين في شؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمعهد التمويل الدولي: “لن نشهد عقبات في الجانب المالي، ولكن في الوقت نفسه، لا أتوقع أن نرى طفرة كبيرة في القطاع الخاص”. ووفقا لتقرير صندوق النقد الدولي حول الآفاق الاقتصادية الإقليمية، الذي نشر خلال شهر تشرين الأول/ أكتوبر سنة 2018، فإن النمو الاقتصادي في دول مجلس التعاون الخليجي سوف يرتفع إلى 3 بالمئة سنة 2019. ويرجع ذلك أساسا إلى تنفيذ مشاريع الاستثمار العام، بما في ذلك المشاريع التي تتماشى مع الخطة الإنمائية الخماسية في الكويت، فضلا عن الاستعدادات المستمرة لمعرض أكسبو 2020 في الإمارات.

وذكر الموقع أن شركة جدوى للاستثمار، التي يقع مقرها في الرياض، تتوقع تحقيق نمو في إجمالي الناتج المحلي بنسبة 2 بالمئة، الذي سيشهد انخفاضا طفيفا عن السنة الماضية بسبب تباطؤ التقدم في قطاع النفط على مدار هذه السنة. أما في ما يتعلق بالمجالات غير النفطية، فمن المتوقع أن يستمر تقدم النمو الاقتصادي على خلفية النفقات المخصصة لهذا المجال والمدرجة في الميزانية الحكومية التي تقدر بحوالي 293 مليار دولار، كما هو مذكور في التقرير الأولي المتعلق بميزانية 2019.

وأورد الموقع أن المملكة العربية السعودية بدأت بإنفاق الأموال على مشاريع البناء. كما انطلقت عمليات البناء في مركز الملك عبد الله المالي في الرياض خلال سنة 2018، حيث يعمل صندوق الاستثمارات العامة على إنجاز المشروع قبل قمة مجموعة العشرين المقرر عقدها في شهر تشرين الأول/ أكتوبر من سنة 2020. ويوجد مشروع آخر مهم يموله صندوق الاستثمارات العامة، تبلغ قيمته 4 مليارات دولار، في منطقة القدية الواقعة في ضواحي الرياض، الذي يضم متنزه الأعلام الستة الترفيهي.

وأفاد الموقع بأن حكومة الإمارات العربية المتحدة وافقت على توسيع الميزانية الفيدرالية للفترة الممتدة بين سنة 2019 و2021. وخلال سنة 2019، تم تخصيص حوالي 16.4 مليار دولار من الميزانية للإنفاق الحكومي، مع تحقيق زيادة بنسبة 17 بالمئة عن الإنفاق المخطط له لسنة 2018. وستقدم شركة بترول أبوظبي الوطنية المزيد من الأموال، نظرا لأنها تخطط لأكبر برنامج استثماري لها منذ عقد من الزمان.

يعد انكماش الاقتصاد الإيراني من إحدى العوامل المحتملة التي قد تعصف بالاقتصاد الإماراتي، الذي تربطه به علاقات تجارية واسعة عبر دبي. وسيعيق نظام العقوبات المتزايد على إيران، الذي تم تطبيقه منذ تشرين الثاني/ نوفمبر 2018، من قدرة المستثمرين الإيرانيين على شراء العقارات أو جلب الأموال عبر النظام المصرفي الإماراتي. وتواجه الكويت قضايا مختلفة. فقد شهد اقتصادها ضعفا في النمو الائتماني وتأخر نشاط بعض المشاريع، على الرغم من أن بنك الكويت الوطني يتوقع تعزيز نمو الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي إلى 3 بالمئة خلال سنة 2019.

وذكر الموقع أن الاقتصاد في مصر سيشهد انتعاشا، حيث يتوقع صندوق النقد الدولي أن يبلغ معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي 5.5 بالمئة سنة 2019. فضلا عن ذلك، نمت التجارة الخارجية المصرية بنسبة 16 بالمئة على أساس سنوي لتصل إلى حدود 78.4 مليار دولار في الأشهر العشرة الأولى من السنة الحالية.

كما تمكنت مصر من تعزيز مكانتها على المستوى الخارجي، حيث تقلص العجز في الحساب الجاري من 6 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي خلال سنة 2016 إلى حوالي 3 بالمئة في أواخر 2018، وفقا لمؤسسة “كابيتال إيكونومكس”. ومن المتوقع أن تتمكن مصر من أن تصبح مصدرا للغاز الطبيعي، حيث إن القدرة الكاملة لجهود شركة “إيني” الإيطالية لتنمية حقل الغاز “ظهر” في طور التحضير.

وأورد الموقع أن إيران تواجه واقعا اقتصاديا أقل إيجابية، باعتبارها مستهدفة من نظام العقوبات القاسية. ونتيجة لذلك، يتجه اقتصاد طهران نحو الركود، ومن المرجح أن يتحمل قطاعها النفطي العبء الأكبر من الضغط خلال 2019. وتقدر وكالة “فيتش” للتصنيف الائتماني أن الناتج المحلي الإجمالي الإيراني سيتقلص بنسبة 4.3 بالمئة خلال السنة القادمة، حيث ستتراجع الصادرات وتدفقات الاستثمار، وسيؤثر ارتفاع التضخم وارتفاع معدلات البطالة على القدرة الشرائية.

أما بالنسبة للعراق، فيبدو أن اقتصاد البلاد سيكون في وضع أقوى مع تشكيل حكومة برئاسة عادل عبد المهدي، ستعيد ثقة المستثمرين. وفي هذا الإطار، يتوقع البنك الدولي نمو إجمالي الناتج المحلي العراقي بشكل عام إلى 6.2 بالمائة نتيجة ارتفاع إنتاج النفط.

وأضاف الموقع أن مسألة استغلال زيادة الديون الخارجية لدول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ستطفو على السطح خلال السنة القادمة. ويتوقع معهد التمويل الدولي أن السعودية قد تكون في حاجة إلى اقتراض حوالي 50 مليار ريال سعودي سنة 2019 لتمويل عجزها. ويمكن تلبية ثلث هذا المبلغ عن طريق السندات المحلية أو الصكوك. ومن المتوقع أن تلجأ المملكة إلى توفير بقية المبلغ عبر سوق رأس المال الدولي. لكن السعودية تعد محظوظة؛ لأن مستوى الديون يعدّ منخفضا مقارنة بالناتج المحلي الإجمالي.

وبيّن الموقع أن الوضع الاقتصادي في كل من البحرين وعمان سيواجه صعوبات خلال 2019، إذ يعدّ وضع الحسابات الجارية والميزانية في هاتين الدولتين الأسوأ بين اقتصاديات دول الخليج. وسيسجل كلا البلدين عجزا كبيرا إذا استمر تراجع أسعار النفط. كما أكد الخبراء أن احتياطي العملة الأجنبية سينخفض بوتيرة سريعة؛ نظرا لأنهما يملكان مدخرات أقل بكثير من العملات الأجنبية مقارنة بدول الجوار.

وفي الختام، أكد الموقع أن مصير الوضع الاقتصادي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يختلف باختلاف العوامل الداخلية لكل بلد. وعلى الرغم من أن النمو قد لا يكون قويا كما هو متوقع، إلا أن ذلك سينعش القدرة الشرائية للعديد من المواطنين الذين يتطلعون إلى التخلص من سياسة التقشف التي انتهجتها حكوماتهم خلال السنوات الأخيرة.

ترجمة عربي 21

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى