ما لا تعرفه عن العقل المدبر لتنظيم الدولة

سواليف

نشر موقع “ديلي بيست” تقريرا حول العقل المدبر لتنظيم الدولة، وشح المعلومات التي كانت متوفرة عنه، لدرجة أنه في مرحلة ما كان يُعتقد أن هناك شخصيتين؛ بسبب كثرة الأسماء الحركية التي كان يستخدمها.

ويشير التقرير إلى أن البنتاغون يسميه حجي إمام، ومن بين أسمائه الحركية: أبو علي الأنباري وأبو علاء العفري والحجي إيمان، أو ببساطة الحجي، حيث احتارت المخابرات الأمريكية والعراقية من كثرة أسمائه الحركية، فظُن أنه شخصيتان مختلفتان في القيادة العليا لتنظيم الدولة (الأنباري والعفري شخصيتان مختلفتان

ويذكر الموقع أنه حتى “ويكيبيديا”، فقد احتوت على سيرتين لشخصين مختلفين وصورتين لجهادي واحد، تناسب غموضه عكسيا مع أهميته في التنظيم، لافتا إلى أن عبد الرحمن مصطفى شاخيلار القادولي، وهو اسمه القانوني، يمتلك مواهب جمة، وهو بالتأكيد يحتاجها ليكون الرجل الثاني بعد “الخليفة” نفسه.

مقالات ذات صلة

ويلفت التقرير إلى أن الجيش الأمريكي أعلن أن القادولي، الذي كان يشرف على العمليات الاستخباراتيه، قتل في غارة جوية على دير الزور شرق سوريا في 25 آذار/ مارس، مستدركا بأنه رغم أن مقتله أعلن أربع مرات على الأقل من الجانب العراقي، ومرتين من الجانب الأمريكي، إلا أن هذه المرة تبدو حقيقية، حيث قام عدد من مؤيدي تنظيم الدولة بنعيه على مواقع التواصل الاجتماعي، ونشر المزيد من التفاصيل عنه، وعن الدور المهم الذي كان يؤديه في التنظيم، ربما لأن المحاذير الأمنية لم تعد قائمة.

ويبين الموقع أن سيرة القادولي كانت تحيط بها الإشاعة والخرافة والمعلومات الخاطئة والتضليل، خاصة أن كثيرا مما قيل عنه كان مصدره تنظيم القاعدة بعد انشقاق تنظيم الدولة عنه في 2014.

ويورد “ديلي بيست” أنه كان يظن أن القادولي ضابط سابق في نظام صدام حسين، مستدركا بأنه تبين بعد ذلك أنه أستاذ فيزياء، وأنه كان جهاديا منذ الثمانينيات، حيث ابتدأ داعية ثم أصبح ناشطا في المنفى، حيث غادر العراق في أواخر التسعينيات؛ بسبب ضغوط النظام، متوجها إلى أفغانستان، وعاد عام 2000 إلى السليمانية في شمال شرق العراق؛ لينضم إلى جماعة أنصار الإسلام، التي كانت منظمة جهادية تعمل في المنطقة الكردية، وكان القادولي يتهم مؤسس حزب البعث ميشيل عفلق بأنه ماسوني.

وينوه التقرير، إلى أنه في 2003، قام الأنباري بإنشاء مجموعة إسلامية في تلعفر، سماها فرق الجهاد لقتال القوات الأمريكية المحتلة، ثم انضم إلى تنظيم القاعدة عام 2004، عندما كانت تحت قيادة الجهادي الأردني أبي مصعب الزرقاوي، المؤسس الأول لتنظيم الدولة، وأصبحت للأنباري سلطة دينية في التنظيم، فأصبح قاضيا دينيا وداعية وتسلم مناصب أخرى حتى وفاته المحتملة الشهر الماضي.

ويقول الموقع إن “هذه المعلومات تبقى غير دقيقة، فهل هو من سكان تلعفر، البلدة التي ينحدر منها كثير من أعضاء تنظيم الدولة، إن كان الأمر كذلك فإن اسم العفري يصبح معقولا، فكما أن اسم العفري يعني أنه من تلعفر، فإن اسم الأنباري يعني أنه من الأنبار، لكن الصحافي العراقي المطلع والمتخصص في المجموعات الإسلامية خالد القيسي، يصر على أن القادولي ولد في مدينة الحضر جنوب محافظة نينوى”.

ويضيف الموقع أنه “بغض النظر عن بلد القادولي، فإنه لا خلاف حول المعتقدات التي حملها، التي تظهر من حوالي 20 ساعة من المحاضرات التي كان يعطيها لرجال الدين، والتي تشكل الخطاب الرئيس لتنظيم الدولة، حيث تظهر فيه كراهية الأزيديين، واعتبار المسلمين السنة الذين يتحالفون مع غير المسلمين أو يعملون في مؤسسات الدولة الديمقراطية بعيدين عن الدين وكفارا، ويظهر أن أثره على تشكيل فكر التنظيم ونظرته للعالم الخارجي أكثر من تأثير (الخليفة) أبي بكر البغدادي”.

ويفيد التقرير بأن القادولي يحاجج في تسجيلاته ضد الدساتير والقوانين والبرلمانات والمحاكم والتقاليد الديمقراطية؛ لأنها كلها وضعية، ويصف الأزيديين بأنهم كفار؛ ويقول إنه بسبب مشاركتهم في البرلمان العراقي، فإنه يجب على المسلمين السنة عدم المشاركة فيه.

وبحسب الموقع، فإن القادولي يعارض الدستور العراقي؛ لأنه لا يسمح للمسلمين بهدم معابد الأزيديين، كما أنه يظهر بغضه في أشرطته لرئيس البرلمان العراقي والعضو البارز في الحزب الإسلامي العراقي المرتبط بالإخوان المسلمين، سليم الجبوري “السني”، فيقول: “هل تعلمون أنه يعمل لإعادة الأزيديين إلى قراهم؟ هل تعلمون أنه إن استطاع، ولن يستطيع بإذن الله، فإنه سيعيد أولئك الناس، وسيدفع لهم لإعادة بناء معابدهم؟ وسيساعده على ذلك رجال الدين ذوو العمائم، ولماذا؟ لأن الدستور يحمي حرية الاعتقاد والطقوس الدينية وحماية أماكن العبادة”.

ويكشف التقرير عن أن القادولي يبغض جماعة الإخوان المسلمين، التي نشأت في مصر ولها فروع في أنحاء العالم كله، وتسعى إلى تحويل المجتمعات الإسلامية، من خلال التغيير التدريجي غير العنيف، حيث يعد تنظيم الدولة قبول الإخوان لمبادئ الديمقراطية دليلا على الردة، مشيرا إلى أن القادولي يركز على تلك المجموعات السنية والأشخاص الذين يدخلون المعترك السياسي، أو يرتبطون مع الطواغيت، ففي نظره فإنه يجب على المسلم تجنب “مواطن الردة”، حتى لو أدى ذلك إلى خسارة مادية بعدم اللجوء للمحاكم، كما أنه لا يجوز للمسلم، في نظره، في أي مكان في العالم حضور خطب الجمعة في المسجد، إن كان الإمام لا يلتزم بالعقيدة الإسلامية كما يفهمها هو، وأنه لا أمل للمسلمين ما لم يهاجروا “لدار الإسلام” الواقعة تحت حكم التنظيم.

ويشير الموقع إلى أن آخر إصدار من مجلة “دابق” لا يذكر القادولي بأي اسم من الأسماء التي عرف بها، ولا يوجد فيه أي إشارة لمقتله، فيما تذكر المجلة المفجرين الانتحاريين في بلجيكا وشخصا ثالثا قتلته الشرطة قبل ذلك، وتصفهم بأنهم شهداء، لافتا إلى أن “هناك ما يشير إلى رؤية هذا العدد من المجلة تأبينا له، من خلال طرح المواضيع التي شغلته، حيث إن قصة الغلاف هي (حركة الإخوان المرتدة)، التي وصفتها المجلة (بالسرطان المدمر)، والتي (ظهرت وتحورت وانتشرت) منذ انطلاقها عام 1928، وتقول المجلة إن هؤلاء الإسلاميين يعملون مع الطواغيت والصليبيين في أنحاء الشرق الأوسط كله، ويعدون الثورة الإسلامية في إيران شرعية، ويقرون بحوار الأديان مع اليهود والمسيحيين”.

ويورد التقرير أن عددا من المصادر، بينهم القيسي، يرى أن القادولي كان يشرف على الأمن والشرطة، وأنه في الفترة التي قتل فيها الثوار السوريون نائب البغدادي حجي بكر في كانون الثاني/ يناير 2014، استلم القادولي المخابرات في العراق ثم في سوريا والعراق بعد مقتل أبي مهند السويداوي، الذي كان صداميا سابقا، وكان صديقا لكل من عدنان إسماعيل نجم “أبي مسلم التركماني” وأبي عبد الرحمن البيلاوي، العقل المدبر لاحتلال التنظيم للموصل، مشيرا إلى أنه يمكن القول إن القادولي شغل منصب مدير الاستخبارات الوطنية.

ويجد الموقع أن مقتل القادولي وحجي بكر والسويداوي والبيلاوي يعني فقدان تنظيم الدولة لأربعة من فرسانه الكبار، الذي دافعوا عن دعائم التنظيم العسكرية والأمنية والأيديولوجية، كما لم يفعل أحد منذ وفاة الزرقاوي، لافتا إلى أنه لم يبق من هذا الكادر الذي أوجد التنظيم سوى البغدادي، وهو يتعافى من جرح أصيب به في غارة أمريكية، بالرغم من أنه لم يكن هو المقصود، بالإضافة إلى المتحدث باسم التنظيم الذي يشرف على العمليات الإرهابية في الخارج أبي محمود العدناني.

ويختم “ديلي بيست” تقريره بالقول إن “هذا لا يعني النهاية، ولا بداية النهاية للتنظيم، فمنذ عقد تقريبا، بعد مقتل قياداته العليا الزرقاوي عام 2006 وأبي عمر البغدادي، ووزير حربيته أبي أيوب المصري عام 2010، قام التنظيم بالتأقلم مع المتغيرات”.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى