إقصاء النائبين صالح العرموطي وهدى العتوم / أ . د أنيس خصاونة

من هي الجهة وراء إقصاء النائبين صالح العرموطي وهدى العتوم عن عضوية اللجنتين الرئيسيتين في مجلس النواب؟
الأستاذ الدكتور أنيس الخصاونة

ينظر كثير من الأردنيين باهتمام وقلق شديدين نحو ما يجري في مجلس النواب الثامن عشر من انتخابات للجانه الفرعية نظرا لما تلعبه هذه اللجان من دور بارز في المداولات والنقاشات التي تسبق عرض مشاريع القوانين على المجلس للتصويت أو الإقرار. صحيح أن عضوية هذه الجان الفرعية تتم بالانتخاب من قبل أعضاء المجلس وصحيح أيضا أن رئاسة هذه اللجان تتم بالانتخاب من قبل الأعضاء ولكن عدم انتخاب المحامي المخضرم والنائب الحالي صالح العرموطي عضوا في اللجنة القانونية وكذلك عدم انتخاب التربوية المعروفة النائب هدى العتوم في عضوية لجنة التربية والتعليم يضع علامات استفهام كبيرة حول مدى تدخل الدولة عبر أجهزتها ومداخلاتها الهاتفية في وضع التشكيل المناسب والمريح لهذه الأجهزة بحيث يسهل على الحكومة التأثير على عمل هذه اللجان وتصويت أعضائها والتحكم في شكل القوانين التي يتم إجازتها.
لا أعتقد أن عدم انتخاب العرموطي والعتوم لعضوية اللجنتين الرئيسيتين في مجلس النواب جاء بالصدفة أو بخيار أعضاء المجلس فهذا بعيد عن المنطق، وبعيد عن القدر الكبير والاحترام الشديد للنائبين المذكورين كيف لا وأن بعض رؤساء وأعضاء اللجنة القانونية والتربية والتعليم هم من تلاميذ الأستاذ صالح العرموطي أو النائب هدى العتوم.
أنا شخصيا أعتقد بأن الدوائر الأمنية حاضرة في تصويت المجلس على عضوية اللجان وأن مصطلح “نواب الألو” لم ينتهي بعد للأسف الشديد.
إنها حقا نكسة للعمل النيابي والديمقراطي حيث يعكس هذا التدخل الحكومي في تشكيل اللجان النيابية ورئاستها كما ويعكس هذا التدخل إصرار الحكومة وأجهزتها الأمنية على استمرار سيطرتها وهيمنتها على السلطة التشريعية وعلى إبقاء بعض النواب يعملون على شكل ممثلين للدوائر الأمنية في مجلس النواب .
لن يتقدم العمل النيابي في الأردن قيد أنملة ما لم تكف الحكومة والأجهزة الأمنية يدها عن التدخل في تركيبة وتشكيل مجالس النواب وعمله الداخلي وانتخابات لجانه الفرعية.الديمقراطية ما لم تستند إلى التعبير الحر للشعب ولممثلي الشعب في اختيار قياداته واتخاذ مواقفه سواء من الحكومة أو الموازنة أو الفساد أو تشكيل اللجان الفرعية أو الموافقة أو عدم الموافقة على المعاهدات والاتفاقيات وفي مقدمتها اتفاقية شراء الغاز الإسرائيلي المسروق فإن هذه الديمقراطية تبقى شكلا بدون مضمون وتبقى غطاءا لهيمنة السلطة التنفيذية على السلطات الأخرى.
الديمقراطية الأردنية ما زالت متعسرة وفي حالة مخاض شديد ونعتقد بأن غياب الإرادة السياسية الحقيقية في إنفاذ وترجمة قيم الديمقراطية القائمة على أساس المشاركة السياسية، والحوار المستند للإقناع ،وتداول السلطة بشكل سلمي، هذا الغياب للإرادة السياسية يجعل العمل البرلماني عملا ديكوريا ومظهريا واحتفاليا خاليا من التأثير على الحياة المدنية، وعاجزا عن تنمية حس وروح الانتماء والمشاركة السياسية الحقة.الديمقراطية لا تحتاج إلى كثير من الأوراق النقاشية بقدر ما تحتاج إلى نية حقيقة في تطبيق المواد والبنود الدستورية التي تضمنها الدستور الأردني…

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى